فحرم الله هذه الأشياء تحريما مبهما، ولم يفرق بين حال انفرادها واختلاطها بالماء. فوجب تحريم استعمال كل ما تيقنا فيه جزءا من النجاسة.
ويكون الحظر من جهة النجاسة أقوى من جهة الإباحة من طريق الماء المباح في الأصل، لأنه متى اجتمع في شيء جهة الحظر وجهة الإباحة، فجهة الحظر أولى. ألا ترى أن الجارية بين رجلين، إن كان لأحدهما فيها مائة جزء، ولآخر جزء واحد، أن جهة الحظر فيها أولى من جهة الإباحة؟ وأنه غير جائز لواحد منهما وطؤها؟
وأيضا لا نعلم خلافا بين الفقهاء في سائر المائعات إذا خالطه اليسير من النجاسات، كاللبن والأدهان والخل ونحوه، إذ حكم اليسير في ذلك حكم الكثير، وأنه محظور عليه أكل ذلك وشربه.
والدلالة من هذا الأصل على ما ذكرنا من وجهين:
أحدهما: لزوم اجتناب النجاسات بالعموم الذي قدمناه في حالي المخالطة والانفراد.
والآخر: أن حكم الحظر -وهو النجاسة- كان أغلب من حكم
مخ ۴۴