والمختار فيه ما لا ينحسر أسفله بالغرف. وقيل: ذراع وشبر، وعرض المثقال، وما يستر وجه الأرض. وبعضهم قدره بأربع أصابع مفتوحة. وعلى الأول اقتصر في ((الاختيار)).
ومن ثم يظهر فساد ما بناه فيه على أن للكثرة تأثيرا، حيث قال: ((وإن كان للماء طول ولا عرض له، فالأصح أنه لو كان بحال لو ضم طوله إلى عرضه يصير عشرا في عشر فهو كثير))، انتهى.
والتحقيق أن هذا التقدير لا يعرف عن أبي حنيفة النظر إليه بوجه، وإنما حقيقة مذهبه ما قاله الرازي في ((أحكام القرآن)) في سورة الفرقان، وهو قوله: وأما الماء الذي خالطته نجاسة، فإن مذهب أصحابنا فيه أن كلما تيقنا فيه جزءا من النجاسة، أو غلب في الظن ذلك لم يجز استعماله.
ولا يختلف في هذا الحد ماء البحر، وماء البئر، والغدير، والماء الراكد، والماء الجاري؛ لأن ماء البحر لو وقعت فيه نجاسة لم يجز استعمال الماء الذي فيه النجاسة. وكذلك الماء الجاري.
وأما اعتبار أصحابنا للغدير إذا حرك أحد طرفيه لم يتحرك الطرف الآخر، فإنما هو كلام في جهة تغليب الظن في بلوغ النجاسة الواقعة في أحد طرفيه إلى الطرف الآخر. وليس هذا كلاما في أن بعض المياه الذي فيه النجاسة قد يجوز استعماله وبعضها لا يجوز استعماله، ولذلك قالوا:
مخ ۴۲