((وعرف بهذا الإجماع أن المراد بما رواه مالك هو الماء الكثير والجاري)). يقال عليه: فإذا كان المراد الكثير والجاري، فكيف ساغ مخالفته في الجيفة الواقعة في الماء الجاري أو الكثير الراكد؟
قوله: ((ولهذا رجع أصحابنا في التقدير إلى الدلائل الحسية)).
قلت: لم يجعل أحد من علمائنا الثلاثة الأمور الحسية المذكورة دليلا على الكثرة، وإنما جعلوا ذلك دليلا على سريان النجاسة، وليس عند أبي حنيفة أن الكثير لا ينجس جميعه، بل فروعه ناطقة بخلافه.
قال محمد بن الحسن في ((الأصل)): ((وإذا وقعت الجيفة أو غيرها من النجاسات في حوض صغير يخلص بعضه إلى بعض، لم يستعمل. وإن كان كبيرا لا يخلص بعضه إلى بعض فلا بأس بأن يتوضأ من ناحية أخرى.
وقال الإمام أبو يوسف في ((الإملاء)): قال أبو حنيفة في حوض أو مصبغة: إذا حرك ناحية منها لم تضطرب الناحية الأخرى. فهذا لا ينجسه بول وقع فيه، أو دم، أو جيفة، إلا ذلك الموضع. انتهى.
مخ ۴۰