قال مشايخ العراق: إن حكمه حكم المرئية، حتى لا يتوضأ من ذلك الجانب، وإنما يتوضأ من الجانب الآخر، لما ذكرنا في المرئية، بخلاف الماء الجاري، لأنه ينقل النجاسة من موضع إلى موضع ، فلم يتيقن بالنجاسة في موضع الوضوء.
ومشايخنا مما وراء النهر فصلوا بينهما، فقالوا في غير المرئية: إنه يتوضأ من أي جانب كان، كما قالوا جميعا في الماء الجاري. وهو الأصح، لأن غير المرئية لا يستقر [في مكان واحد، بل ينتقل لكونه مائعا سيالا بطبعه، فلم نستيقن بالنجاسة] في الجانب الذي يتوضأ منه، فلا يحكم بنجاسته بالشك على الأصل المعهود، أن اليقين لا يزول بالشك، بخلاف المرئية. انتهى.
وكان قبل هذا قال: فإن وقع في الماء نجاسة، فإن كان جاريا: فإن كان النجس غير مرئي، كالبول والخمر ونحوهما، لا ينجس ما لم يتغير لونه، أو طعمه، أو ريحه. ويتوضأ منه من أي موضع كان، من الجانب الذي وقع فيه النجس، أو من الجانب الآخر. كذا ذكر محمد في كتاب الأشربة، فقال: لو أن رجلا صب خابية من خمر في الفرات، ورجل آخر أسفل منه يتوضأ به، إن تغير لونه أو طعمه أو ريحه لا يجوز، وإن لم يتغير يجوز.
مخ ۳۶