172

وقعة قارن:

ثم إن الأمراء الحمزيين نهضوا قاصدين إلى ظفار، ونهض الإمام -عليه السلام- فحط في الأبرق، ونهض منه إلى موضع يسمى (أهل عامر)[384]. فلما مضى وهن من الليل أمر بالنهوض بعد أن قدم عسكرا من أهل ثلا وغيرهم يرصدون القوم في موضع يماني قارن، والقوم بأجمعهم في قرية قارن، والدروب التي في جوانبها لا يخطر لأكثرهم ببال أن الإمام يغزوهم، لما هم عليه من النجدة والكثرة. وسار الإمام حتى كاد أن يطلع الفجر وهو في موضع يسمى (رزم قارن) فتيمم الإمام [عليه السلام](1) ومن معه من المسلمين وتقدم فصلى بهم صلاة الفجر، وافتتح بقراءة الفاتحة، [ثم قرأ سورة](2) إذا جاء نصر الله والفتح.

قال -عليه السلام-: ولم يكن يخطر ببالي قراءتها حتى جرت على لساني، فعلمت أن الله سيفتح علينا بنصر قريب، فلما تمت الصلاة وعظهم الإمام [عليه السلام](3) وحرضهم على القتال، وأخبرهم أن العدو قد صاروا كفارا إما بالاعتقاد وإما بالموالاة. ثم إن العسكر صمدوا(4) القوم وهم في غفلة؛ منهم من يزمر، ومنهم من يصفق، ويلعب، فحجزت بينهم سحابة قد انبسطت على الأرض فارتفعت السحابة وقد تقارب العسكران، فحمل القوم بأجمعهم على عسكر الإمام فردوهم قليلا، ثم حمل عليهم عسكر الإمام حملتين وأبلى ذلك اليوم الشيخ الكبير الحسيب قاسم بن منصور بن محمد الضريوه بلاء عظيما، وولى القوم بأجمعهم نحو الدار التي قد تحصنوا فيها، وبعضهم في القرية، فأحاط بهم العسكر المنصور إحاطة الهالة بالقمر بعد أن قتل منهم جماعة في حال الهزيمة، ورمي الشريف الكبير علي بن علي من آل يحيى بن حمزة ابن أبي هاشم، وكان من جملة المقدمين مع القوم، فأدخل الدار ومات من ساعته.

مخ ۲۵۷