والسبب في ذلك: أن ما يعرض في آخر الشهر يوجب الخروج عن الواجب بعد ثبوته واشتغال الذمة به، فلا يجوز الخروج عن يقين ذلك إلا بيقين.
وما يعرض في أول الشهر يلزم الوجوب ويشغل الذمة، والأصل البراءة. هذا اعتراض من يفهم الفقه.
فأما الخطيب فقال: ((ما بالمخالف من الغباوة بهذا كله، فكيف استجاز أن يقول: يوم الشك أحد طرفي الشهر؟!))، قال: ((وهذا قياس يخالف النص)).
قلنا: قد بينا أن الأصل في الشهر تسعة وعشرون، فقد زال اليقين في يوم الثلاثين كما زال اليقين في آخر الشهر، فالظاهر كونه من رمضان.
وقولكم: الأصل أنه من شعبان. لا نسلم، وأما اليوم الأخير فالأصل أنه من شوال، إلا أن هذا الأصل عارضه معوق، وهو: أنه يؤدي إلى صوم يوم محرم.
ولهذا نقول فيمن أكل يظن أن الفجر ما طلع، أو أن الشمس قد غابت ولم يكن كذلك أنه يقضي، وإن كان الأصل بقاء الليل والنهار، وإنما فرقنا بين أول الشهر وآخره من جهة الشهادة احتياطا أيضا.
وإذ قد ثبت أن الأصل في الشهر تسعة وعشرون، فقول الخطيب: ((هذه غباوة)) أمر ينقلب عليه، لأنه ما فهم ما ذهبنا إليه.
مخ ۹۰