المؤامرة الخطيرة، التي وإن اختلفت نوايا أصحابها إلا أنها تلتقي عند هدف واحد، وهو إفراغ الرسالة السماوية من محتواها الحقيقي، ودفع بالمسلمين إلى هاوية التردي والانحطاط - كما ذكرنا - والالتحاق بركب اليهودية والمسيحية التي أمست ثوبا مهلهلا خرقا يتجلبب به الأحبار والرهبان عندما يتعاطون ملذاتهم المحرمة وشهواتهم الحيوانية.
فمن الاجتهاد الباطل قبالة النص السماوي (6)، ومرورا بالحط من مكانة الرسول صلى الله عليه وآله (7) وانتهاءا بسلب الخلافة من أصحابها الشرعيين، سلسلة متصلة الحلقات، إحداها تكمل الأخرى، إلا أن الأخيرة كانت الترجمة الصادقة لتلك التوجهات الخطيرة.
فحقا أن القربة لا تحمل البحر، ولا النملة تبتلع البيدر، وشواهد الحق ما ثلة للعيان إلا أن المخطط - مع اختلاف النوايا، كما ذكرنا ونذكر - أخذ أبعادا واسعة، ثمارها ما نراه الآن من فرقة مرة وتطاحن مؤلم، خلف أنهارا من الدموع والدماء، ولست أدري كيف يتأتى لمن وهبه الله أدنى نور يستضئ به أن يتجاوز تلك الحقائق الواضحة التي تشهد بالنص بالخلافة لعلي عليه السلام لا لكونه أحق من غيره بها فحسب.
ويحيرني من لا يرتضي للملوك والزعماء أن لا يعهدوا بالولاية والخلافة - وهم ملوك الدنيا - ويرتضون لله ورسوله ذلك وهو سبيل الدنيا والآخرة! عدا أنهم نقلوا إن أبا بكر وعمر لم يموتا حتى أوصيا بذلك، بل والأغرب من ذلك - وحديثي لمن
مخ ۱۰