الله بشفائه متوحدا (1)، وكذلك داؤهم من الجهل والضلالة والكفر ، فلن يشفى منهم إلا بإكراه من الله لهم على الإيمان وجبر ، وذلك فما لا يكون منه بعد أن أمرهم ، ولأنه لو كان منه بجبر لكان الإيمان (2) لمن جبرهم ، وإذا كان له لا لهم ، وكان فعله لا فعلهم ، لأنه منه لا منهم ، فالاحسان فيه له دونهم.
فهذا يا بني فاعلمه (3) من أمرهم ، ومما (4) هم فيه من جهلهم وكفرهم.
[الجهل المركب]
واعلم يا بني أن جهل الناس بالله وبدينه ، وما هم عليه من العمى عن الله وعن تبيينه ، يدعيان جهلا مضعفا (5)، وعمى متبرا (6) متلفا ، لا يرجى إلا بالله لأهلهما منهما سلامة ، ولا يزدادان على صاحبهما (7) طول الدهر إلا مداومة ، وإنما قيل في الجهل إنه مضعف ، لأن صاحبه لا يعرف ولا يعرف أنه لا يعرف ، فجهله هذا جهلان ، وهلكته بجهله هلكتان ، بل لو قيل إن جهله هذا جهل مضعف أضعاف ثلاثة متراكبة ، لكانت مقالة من قال ذلك في جهله صادقة غير مكذبة ، لأنه جهل فكانت تلك منه جهلا ، ثم جهل أنه جاهل فكانت تلك لجهله مثلا ، ثم رأى أن جهليه (8) جميعا علما ، فكان ذلك منه جهلا ثالثا وظلما.
وإنما قيل إن عماه عمى متبر متلف ، ليس له إلا بالله عنه زوال ولا تكشف ، لأن
مخ ۲۵۲