سلطانهم ، قوي عليهم فيه سلطان شيطانهم ، فألفوه حتى أنسوا به لطول الصحبة ، وعز فراقه في أنفسهم لما كان يكون في خلافه من الأنكال المعطبة (1)، ولما كان من جهله يومئذ لديهم منكلا محروما ، عاد مجهوله يومئذ فيهم بعد جهله معلوما ، ثم خلفت من بعدهم أخلاف السو ، التي أتت (2) عداوتها للاسلام من وراء عداوة كل عدو ، فكانت أكلف (3) بما سن لها أسلافها كلفا ، وأسرف في الاحتجاج للباطل سرفا ، فالله المستعان للمحقين عليهم وفيهم ، وفيما خالفوهم فيه من حكم ربهم عليهم ، فقد أصبحوا وأمسوا عن الحق بكما وصما وعميا ، وصاروا هم وأئمتهم من بني أمية لأنفسهم في ذلك داء دويا (4)، لا يقبل شفاء الأدوية ، ولا يسوغ فيه ولا ينفع دواء الأشفية ، كما لا يسوغ في البكم ، ولا في العمى ولا في الصمم ، دواء ولا شفاء أبدا ، إلا أن يكون
وفي الصواعق المحرقة لابن حجر (ص 134): ومات يعني يزيد ابن معاوية سنة أربع وستين لكن عن ولد شاب صالح عهد إليه فاستمر مريضا إلى أن مات ولم يخرج إلى الناس ولا صلى بهم ، ولا أدخل نفسه في شيء من الأمور ، وكانت مدة خلافته أربعين يوما ، وقيل : شهرين ، وقيل : ثلاثة أشهر ، ومات عن إحدى وعشرين سنة ، وقيل : عشرين ، قال : ومن صلاحه الظاهر أنه لما ولي صعد المنبر فقال : إن هذه الخلافة حبل الله ، وإن جدي معاوية نازع الأمر أهله ، ومن هو أحق به منه علي بن أبي طالب عليه السلام ، وركب بكم ما تعلمون حتى أتته منيته ، فصار في قبره رهينا بذنوبه ، ثم قلد أبي الأمر وكان غير أهل له ، ونازع ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فقصف عمره وانبتر عقبه ، وصار في قبره رهينا بذنوبه ، ثم بكى وقال : من أعظم الأمور علينا علمنا بسوء مصرعه ، وبؤس منقلبه ، وقد قتل عترة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وأباح الخمر ، وخرب الكعبة ، ولم أذق حلاوة الخلافة فلا أتقلد مرارتها ، فشأنكم أمركم ، والله لئن كانت الدنيا خيرا فقد نلنا منها حظا ، ولئن كانت شرا فكفى ذرية أبي سفيان ما أصابوا منها ، قال : ثم تغيب في منزله حتى مات بعد أربعين يوما كما مر ، ف رحمه الله أنصف من أبيه ، وعرف الأمر لأهله. أقول : بل وأنصف من أبيه وجده ، جميعا فلا تغفل ، ولابن حجر هذا كتاب يحامي فيه عن معاوية بن أبي سفيان.
مخ ۲۵۱