109

بل إن يونس ومرعي شعرا بدورهما بمدى تعاظم الخلافات التي أصبحت تلتهم الهلالية وتفت في عضدهم كمثل سوس ينخر خشب الزان. - لعبت يا سوس في الصندل وخشب الزان!

وهنا أصيب الفتيان الثلاثة بما يشبه الخذلان المرير داخل سجنهم الذي لازموه ثلاثتهم في حالة دائمة من الترقب وآذانهم لا تغفل عما تحمله أخبار نهاية المعارك الضارية تلك التي كانت تستعر يوما بعد يوم وعاما بعد آخر حول بوابات تونس، والتي كانت تسفر كل مرة عن تساقط رءوس بني هلال التي ظلت مشهرة طويلا، ولا سيما رءوس القادة والأمراء الذين هم في موقع القلب والرأس لدى الهلاليين.

كما أنهم بالنسبة إلى الأمراء الأسرى الثلاثة في موقع الأعمام وأبناء الأعمام والأصدقاء ورفاق الجهاد الطويل: - الأمير زيدان الرياحي. - الأميران الشقيقان نصر وعقيل.

وهنا تعالت أشعار المراثي والبكائيات:

على ما جرى فينا وقد أصابنا

الفكر والعقل مني طار

على عقل عقلي راح مستقره

ويا نصر ما لي بعدكم أنصار.

بل الغريب هو اختلاط المأساة بالملهاة داخل سجن الفتيان الثلاثة، حين أعلن الزناتي خليفة بنفسه أنه سيهب ابنته سعدى مكافأة لمن يقدم على منازلة الأمير «عقل» وقتله، ووصل النبأ إليهم داخل سجنهم فتندر له مرعي وهو يواجه به سعدى: لعلك الآن في انتظار الفارس القرطاجي المنتصر القادم!

ساعتها لم تعط سعدى جوابا، بل هي طوقت رأسها بساعديها ألما من تندر مرعي بها على هذا النحو وكأن لها يد فيما يجري خارج أسوار وبوابات تونس.

ناپیژندل شوی مخ