110

إلى أن قاربها مرعي في حنو مصالحها عبر تلك الأحزان الثقيلة المخيمة على رءوس الجميع من محاربين وأسرى.

فتحت ضربات الزناتي التي تساقطت لها رءوس القادة الهلاليين، أصبحت الجماهير تلهج باسمه منشدة بملاحمه ومنازلاته ضد أعمامهم وأبناء عمومتهم، الذين كانوا يتهاوون الواحد تلو الآخر في مطلع نهار كل يوم جديد.

كان كل ذلك يجري على مقربة منهم ويصل أسماعهم، ويونس بالذات يعيد تساؤله متحسرا مدركا أن السبب الكامن وراء هذا الدم الهلالي المسفوح هو: الانقسامات وما يفضي إليه التطاحن القبلي بين أجنحة التحالف الهلالي المختلفة.

ذلك أن اغتيال الخفاجا عامر واندحار تحالف جيش العراق من بعده، لم يكن سوى فاتحة طريق لانفراط عقد الهلالية، فسرعان ما أعقبه خبر استشهاد القاضي الكبير بدير بن فايد، ثم تبعه الأمير بدر بن غانم الذي قطع الزناتي خليفة رأسه عن جسده بضربة واحدة من سيفه، حيث أرسله إلى تونس وهو ما يزال في ميدان المعركة ليعلق على بواباتها السبعة إلى جوار رأس أخيه الأمير زيدان شيخ الشباب، وظل يصول ويجول متحديا الجميع.

وفي اليوم التالي نازل الزناتي ولديه نصر وعقل اللذين تحدياه انتقاما لأبيهما فقتلهما الواحد تلو الآخر.

وهللت تونس عن آخرها وكبرت حين استقبلت رأس الأمير عقل الذي استبسل طويلا خلال منازلته الزناتي، الذي - أي الأخير - كان قد وعد في وقت سابق كبار فرسانه ذات يوم بأن من يقوى على قتاله وقتله سيهبه ابنته سعدى زوجة وحليلة، إلى أن تمكن الزناتي نفسه من قتله وجز رأسه بخنجره المسلول.

وكان أن بكتهما أمهما الأميرة هولة بأقوى مراثيها:

تقول فتاة الحي هولة الخزينة

بدمع جرى فوق الخدود بنار

كل ما جرى فينا وقد أصابنا

ناپیژندل شوی مخ