108

وكان آخر أولئك القواد رأس التحالف العراقي الخفاجا عامر الذي تمكن منه الزناتي بالحيلة والمكيدة، التي اضطلع بتصميمها ابن أخته العلام، فجاء حادث مصرعه الفاجع داخل أغوار استراحته بجناين الورد اغتيالا أكثر منه قتلا.

بل إن هذه الانتصارات غير المتوقعة رفعت بدورها من شأن العلام وأعادت إليه ثقته بنفسه وقدراته، فلعلها وبعدما أصبحت حديث الجميع في قرطاج وتوابعها تصل يوما إلى أذني بنت معبد التي ألحقت به الإهانات المشينة دفاعا عن فتاها الجديد يونس وبقية عيون وجواسيس بني هلال، الذين تشدد العلام في عدم تسليمهم لذويهم وقبائلهم مهما حدث. - طالما أنهم تسللوا إلينا بكامل إرادتهم.

أما عزيزة فقد داهمتها الأحزان لحزن حبيبها يونس الذي كان يتابع - مع مرعي ويحيى في حزن غائر بليغ - ما يحدث لقومه من اندحار وهزائم وقتل لفرسان وقادة الهلاليين.

وذلك منذ أن تواترت إليهم الأخبار - في سجنهم الملحق بقصر عزيزة - بوصول القوات الهلالية إلى تخوم العاصمة التونسية قرطاج لتحريرهم من أسرهم، فانفرط عقد تحالفهم، مما مكن الزناتي والعلام منهم على هذا النحو.

كان يونس دائم التساؤل وهو في سجنه الذي لزمه وأصبح لا يبرحه مهما حاولت عزيزة التخفيف عنه واصطحابه إلى قصرها: ما الذي يحدث خارج بوابات قرطاج؟

كان يصرخ ملتاعا غير مصدق: أحقا ما يحدث من كوارث؟!

كانا قد تعاهدا على الزواج، بل إن كلا منهما عقد العزم على ذلك باختياره الكامل، ولم يتبق سوى تحقيق ما يستلزم هذا من إجراءات ستحدث يوما مهما انتهت إليه ظروف المعارك والحرب المستعرة بين قوميهما.

والشيء ذاته اتفق عليه مرعي مع سعدى بنة الزناتي التي أصبحت لا تفارقه خوفا عليه من مؤامرات العلام الذي تضاعفت سطوته خاصة منذ وصول الهلالية بجحافلهم، وما ألحقه بهم من سلسلة الكمائن الناجحة ضد مؤنهم وإمداداتهم التي يسببها ثم انتداب دياب بن غانم لحمايتها.

وهو بالطبع ما ترتب عليه إبعاده عن المقدمة والقيادة.

وتعرف سعدى أكثر من غيرها مدى كره وهواجس وتخوف والدها الزناتي من دياب بن غانم وحربته، بل هي لا تنسى ما مدى فرحته الكبرى حين حمل إليه العلام ذاته أنباء الخلافات التي وقعت بين الهلاليين وانتهت بإبعاد دياب عن القيادة، ليتولى حراسة الإمدادات والبوش في ذلك الجيش المخذول.

ناپیژندل شوی مخ