ومما يوضح مذهب هؤلاء القوم، ويفهم العوام صحة ما روينا عنهم ما قد أظهروا واشتهر أنه رجع عن مذهب المطرفية الطائفة الكبيرة في الأعصار المتباينة، فبعضهم رجع بالمناظرة، وبعضهم رجع بالنقض عليه والمراسلة، وبعضهم رجع من تلقا نفسه بتوفره على النظر في الحث والدين، رجعوا إلى الإسلام يربون على حد التواتر، كان أهل الهجرة الكاملية بتهامة كلهم مطرفية، وكان عظمها الفقيهين الفاضلين الحسن بن حسين بن شبيب، وصالح من الرجال التهاميين، فلما وصل الفقيه العلامة الزاهد زيد بن الحسن الخراساني وعرفهم مذاهب الزيدية كلها، وأنهم ممعون في الآفاق على اختلاف بلدانهم وأنسابهم، ولغاتهم وتفرقهم بأبدانهم في الجيل والديلم، وخرسان والعراق، على مذهب واحد وهو المذهب الذي عليه أهل البيت عليهم السلام، وهو الذي يخالف مذهب المطرفية، وأن مذهب المطرفية هؤلاء ما يجمع أقاويله مذهب لأحد قبلهم، وأوضح لهم الحجة وعرفهم النحجة، فرجع الفقيهان ابن شبيب وابن الرجال، ورجع برجوعهما إلى الإسلام خلق كثير ممن كان تابعا بهما من الأشراف ومواليهم وشيعتهم في الهجرة وغيرها.
مخ ۵۲