168

بطولة الاورطة السودانية المصرية په مکسیکو کې جنگ

بطولة الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك

ژانرونه

5

ولما بلغ العدو كبكابية عسكر في شمال الاستحكام على مرأى من الجنود، وفي اليوم التالي هاجم الجنود المصرية التي قابلته بنار حامية، ودامت الحرب سجالا بينهما من شروق الشمس إلى ما بعد الزوال. ولما عجز الثوار عن اقتحام الاستحكام تراجعوا بعيدا عن مرمى قذائف المدافع وبدءوا بحصره. وكانت خيلهم تمنع كل من خرج ليحتطب أو ليأتي بالقش لعلف دواب الحملة، حتى شعر الناس ببعض الضيق. وهناك رأى آدم بك عامر - نائب المدير - ضرورة الخروج لضرب ذلك الطاغية وخضد شوكته، أو على الأقل طرده بعيدا عن المدينة قبل اتساع الخرق على الراقع، فانتدب لذلك الغرض نحو 500 جندي بقيادة أبي بكر بك الحاج، ورافقه بضعة ضباط كاليوزباشية حسن أغا العريفي، وعلي أغا تقل من أورطة آدم بك، ومرسال أغا برنقل، وغيره من أورطة أبي بكر بك. فخرجت تلك القوة في جنح الظلام من طابية وسارت شرقا كأنها تريد الوصول إلى الفاشر. وبعد ساعتين عرجت في سيرها نحو الشمال، وبعد قليل عطفت غربا حتى بلغت معسكر العدو في الثلث الأخير من الليل وهو في سبات عميق من النوم لا حارس ولا رقيب له، فصف أبو بكر بك الجنود نصف دائرة وصاروا يتختلون وراء الأشجار حتى أحدقوا بالعدو وباغتوه بإطلاق النار؛ فهب الأعداء من سباتهم مذعورين هاربين بعد خسائر فادحة. وكان ضمن قتلاهم الشيخ حسب الله زعيم بادية الحوطية وغيره من الأعيان. وعاد أبو بكر بك إلى الطابية بكثير من الغنائم والخيل والمؤن، وهناك أطلقت المدافع إيذانا بالنصر، ودهش الناس لفوز تلك القوة الصغيرة على جند يقدر بنحو 8000 مقاتل. أما حسابو بعد هذه الصدمة فقد تحقق عجزه عن مقاومة طابية كبكابية؛ ومن ثم سار منها إلى حصر مدينة كلكل التي لم يكن بها سوى بلوك واحد ومدفع جبلي.

وفي ديسمبر سنة 1883 عين المهدي السيد محمد خالد زقل أميرا لدارفور، فسار إليها في جيش جرار، وما كاد يصل دارا حتى قابله مديرها العام سلاتين باشا بالتسليم بعد أن اختتن وأعلن إسلامه. وواصل أمير المهدية زحفه على الفاشر التي كان بها مدير مصري يدعى السيد بك جمعة، وهذا هو الذي تجلت فيه صفات البطولة ولم يأبه لإسلام سلاتين باشا وانضمامه إلى العدو، بل حسر عن ساعد الجد، وقابل جند المهدية كما يقابل العدو عدوه، إلا أن الأمير السيد محمد خالد زقل قسم جنده على ثلاث نقط حول الفاشر، وهي في وداي ودبيرى جنوب المدينة على بعد ساعتين منها، وفي سويلنق الذي هو غدير شرق الفاشر على بعد ساعتين أيضا. وفي جبل حلوف في الشمال الشرقي من المدينة على بعد ساعة واحدة؛ ومن ثم أخذ في مهاجمة الجنود المصرية التي كانت في حصن به مزاغل. وكان السيد بك جمعة يراقب إطلاق المدافع بنفسه بحرص وإباء عظيمين. هذا وقد كتب أمير المهدية خطابا رقيقا إلى آدم بك عامر وأبي بكر بك، دعاهما فيه إلى التسليم بعد أن أفهمهما بانتصارات المهدي على حملة يوسف حسن الشلالي باشا في قدير، وتسليم محمد سعيد باشا مدير كردفان وحامياته، وهلاك حملة الجنرال هكس، وحملة علي بك لطفي، وحصر سنار والخرطوم، وإسلام سلاتين باشا وإيمانه بالمهدية. فما كاد يصل ذلك الخطاب إلى ضباط كبكابية حتى عقدوا مجلسا قرروا فيه التسليم حفظا لكرامتهم، وكتبوا الرد بذلك للأمير، وأخلوا الطابية وساروا مع العائلات والأولاد إلى الفاشر، وقابلوا السيد محمد خالد زقل في وداي ودبيري فبايعهم بالنيابة عن المهدي، وانخرطوا في سلك أتباعه، ولم يكلفهم شيئا سوى لبس جبب المهدية ذات الألوان. وهناك زاد الطين بلة على المحصورين، حيث دفن الآبار التي كان يشرب الجنود منها، وتقدم رجل يدعى جدو سلطان قبيلة ميما

6

بجيشه في جنح الظلام، حتى دخل مدينة الفاشر وأشعل بها حريقا هائلا التهم كثيرا من دور المدينة؛ فاضطر السيد بك جمعة وحاميته إلى التسليم.

هذا؛ وقد نقل أبو بكر بك الحاج إلى القلابات بناء على طلب خاله النور بك عنقره الدنقلاوي الذي كان مديرا لكبكابية كما ذكرنا، وصار أخيرا من قواد المهدية المبرزين، وهو الذي رد الكتائب الإنكليزية التي تألبت لإنقاذ الجنرال غوردون بعد أن فتك بقائدها الجنرال استيوارت في المتمة. ولما بلغ الأمير الزاكي طمل زحف الإمبراطور يوحنا بجيوشه للغارة على جيوش المهدية بالقلابات، انتدب أبا بكر بك الحاج في قوة تتألف من نحو 3000 مقاتل لمقابلة الأحباش والسير أمامهم ورفع أخبارهم إليه، وأرفق معه رجلا يدله على الطريق التي جاء بها الأحباش، وكان الدليل ماكرا خبيث الطوية؛ ففر منه ليلا وسار إلى الإمبراطور يوحنا وأبلغه بقرب العدو، فانتدب النجاشي أحد رءوس الأحباش بقوة تقدر بنحو 10000 مقاتل، سارت بدلالة ذلك الرجل العاق لوطنه العامل على تخريب بيته بيده وأيدي بغاة الأجانب، حتى باغتت أبا بكر بك بهجوم عنيف، وأنه قابلهما بدفاع مجيد، ولما شعر بتفوق العدو وتهوره في الهجوم، أخذ ينسحب من أمامه بطريقة عسكرية مثلى، وهي أن يدافع قسم وينسحب آخرون، إلى أن تجاوز منطقة الخطر، وبعد وصوله القلابات أخبر الزاكي القائد العام بذلك. وقد تحصنت جيوش المهدية بداخل زريبة من الشوك. وفي يوم 9 مارس سنة 1889 بعد أن بزغت الشمس وأضاءت الأفق بنورها، عاد الجو وتلبد بالعجاج، واكفهر بظلام حالك، وجاءت الوحوش فارة من الغابات أمام جيوش الأحباش التي كانت تقدر بمئات الألوف، يقود كل فيلق رأس كالرأس ألولا، والرأس هيلو مريم، والرأس منقاشي، والرأس تسما، والرأس ودهنشوم، والرأس مكيال، والرأس برنبرص، وغيرهم. وهناك أحاطوا بأنصار المهدية كإحاطة السوار بالمعصم، وبدءوهم بهجوم عنيف تحت وابل من مقذوفات البنادق وكرات المدافع التي برحت بهم تبريحا فظيعا، حتى صيرت منهم أكداسا حول الحصن، وكان بعض المقتولين قابضين بأيديهم على أغصان الزريبة وهم جثث هامدة.

ورغما عن ذلك فقد توفق الهاجمون إلى كسر ضلع من الزريبة، ودخل قسم منهم بقيادة الرأس الولا والرأس ودهنشوم، والرأس منقاشي والرأس برنبرص، وكان الأمير الزاكي يقف في وسط الزريبة ومعه قوة احتياطية تتألف كالآتي:

1300

مقاتل بقيادة الزاكي نفسه

500

ناپیژندل شوی مخ