بطولة الاورطة السودانية المصرية په مکسیکو کې جنگ
بطولة الأورطة السودانية المصرية في حرب المكسيك
ژانرونه
ولما عادت قبيلة الزيادية حكم عليها بغرامة تؤديها من الإبل. وعندما استتب الأمن في شمال دارفور عاد محمد بك سليمان مع تلك القوات إلى الخرطوم، إلا أنه ما لبث بها طويلا حتى تأجج ضرام ثورة المهدية في آبا، وفتك دعاتها بحملة راشد بك أيمن مدير فشوده. وقد طلب محمد رءوف باشا لمصر وقبل أن يصل عبد القادر حلمي باشا، عين جيكلر باشا - نائب الحكمدارية - قوة عظيمة تتألف من الأورط النظامية، وأرادي الباشبزق، وكثير من المتطوعين، فسار محمد بك سليمان ضمن تلك الحملة التي سارت إلى جبل قدير.
وفي يوم الأحد 10 رجب سنة 1299ه/28 مايو سنة 1882م، وصل يوسف حسن الشلالي باشا بحملته إلى جبل الجرادة، واستحكم في داخل زريبة من الشوك متينة. وقد شاهدته كوكبة من الفرسان بقيادة الأمير أبي هداية عم المهدي الذي خرج لمراقبة حركات الحملة، فأرسل فارسا إلى المهدي في جبل قدير ليعلمه بوصول العدو، فأبلغ ذلك إلى المهدي بعد فراغه من صلاة العصر، فقال المهدي لأنصاره: اذهبوا إلى منازلكم وتأهبوا للزحف بعد صلاة المغرب؛ فتفرق الناس في الحال، وما كاد يأتي الوقت المضروب لذلك حتى ضاقت بهم رحاب المكان، فأمر المهدي كل أمير أن يقف أمام بيرقه، ولا يتقدم أحد حتى يؤذن بذلك. وبينما كان المهدي مشغولا بنظام الجيوش، إذا به شاهد ثلة من الأنصار تقدمت في طريق العدو رافعة بيرقها، فانتهرها قائلا: لمن هذه البيرق؟ فقيل له: للمناصير. قال: إذن فلتتقدم تفاؤلا باسم المناصير، الذين هم من قبائل السودان المشهورة. ثم أخذت القوات يتلو بعضها بعضا.
ولما بلغت جبل الجرادة باتت قريبا من الحملة المصرية التي كانت على تمام اليقظة، وما كاد يبدو حاجب الشمس من يوم الاثنين 11 رجب و29 مايو حتى بدأ الأنصار بهجوم عنيف، وقابلهم رجال الحملة بنار حامية. وقد تولى القائمقام محمد بك سليمان إطلاق مدفع من طراز متراليوز حصد به الهاجمين كما يحصد الزرع، حتى تطرق الوهن إلى عزائمهم، فتقدم أحمدود سليمان - أمين بيت مال المهدية - ومسك سرع لجام جواد المهدي وقال له: «يا مولاي، إن العدو فتك بجيشنا فتكا ذريعا، وقد قتل أخوك السيد حامد وعمك أبو هداية، وبلغ الظمأ منا مبلغا عظيما، فارجع بنا لنشرب الماء ونلم شعثنا ثم نكر غدا فنقضي على العدو إن شاء الله.» وكان الخليفة محمد شريف واقفا قريبا من المهدي، فقبض على يد أحمدود سليمان وأطلقها من سرع لجام جواد المهدي وصفعه على خده، ثم قال للمهدي: «لا تلتفت يا مولاي إلى حديث هذا المرجف، بل اهجم بنا على الأعداء لنحاربهم حتى ننتصر أو نقتل فنرزق فضل الشهادة.» فشكره المهدي ودعا له بخير، ومن ثم أصلت سيفه، وقال الله أكبر ثلاث مرات، وكبر أنصاره لتكبيره وصاحوا صيحة مزعجة، وهجموا على الزريبة فسحقوها بسنابك خيلهم، واشتبكوا مع العدو طعنا بالرماح وضربا بالسيوف، حتى اضطرت الجنود المصرية إلى ثقب الزريبة من الخلف، وتراجعت إلى مزرعة كانت قريبة من حصنها لتدافع بداخلها، وهيهات، فتخطفها فرسان المهدية بأطراف الرماح، وقد وجدت جثث اللواء يوسف باشا حسن الشلالي وعبد الهادي ود صبر أحد قواد المتطوعين وغيرهما بالمزرعة. أما القائمقام محمد بك سليمان فوجدت جثته مطروحة على المدفع، وقد بز الأخير جميع أقرانه بدفاعه المجيد الذي ختم به حياته، تغمده الله برحمته. (2)
القائمقام أبو بكر بك الحاج الدنقلاوي البديري؛ أي «عباسي»: وهو من بلدة أبكر غرب النيل وشمال الدبة بمديرية دنقلا. كان أبو بكر بك قائدا لإحدى الأورط النظامية بالخرطوم. وقد سافر بأورطته إلى بحر الغزال بعد عودة حملة جسي باشا الإيطالي منها. ولما ثار الفور وشددوا النكير على الحاميات المصرية كما أسلفنا، صدر له الأمر بإنجادها؛ فسار بأورطته من ديم زبير الذي يبعد عن واو 139 ميلا غربا إلى بلدة تلقونا، ومنها إلى بحر العرب شمالا بين غابات متعانقة وآجام كثيفة، ومستنقعات وخيمة، ووحوش كاسرة. ولما بلغ أبي جابرة التي كانت عاصمة لمديرية شكا، غادرها توا إلى مديرية دارا، وبها تلقى أمرا يقضي عليه بمواصلة الزحف غربا إلى بلدة كاس لمحاربة
2
المقدوم دقسا الفوراي، الذي كانت له جموع يسطو بها على حاميات الحكومة المتفرقة لجباية الضرائب وحفظ الأمن، حتى اجتاحها ولم يبق له منازع في تلك المناطق، فأغارت عليه الأورطة المصرية بقيادة أبي بكر، وحاربته حربا قضت على نفوذه هناك. وقد لجأ أتباعه إلى الاعتصام بقنن الجبال وكهوفها. وبعد القيام بهذه المهمة سار أبو بكر بك بأورطته لتعزيز حامية كبكابية، ولم يزل بها حتى جهر المهدي بدعوته في آبا، وتغلب على حاميات الحكومة. ولما احتل مديرية كردفان، هاجر إليه جماعة من الزغاوي
3
سكان شمال دارفور. وبعد مبايعته عاد منهم رجل يدعى حسابو محمد ينيو إلى مديرية شكا، وزعم أن المهدي بعثه خليفة عنه في دارفور. فما كادت القبائل تسمع منه ذلك حتى التفت حوله قبائل المعاليا والأسرة والزيادية والحوطية والماهرية والشطية وتنجر وزغاوي. وسار في جحفل تخفق فوقه الأعلام والبنود لحرب مديرية كبكابية
4
التي كانت بها طابية عظيمة مسلحة ببضعة مدافع، وبها أورطتان من الجنود النظامية كان يقود أحدهما أبو بكر بك الحاج كما ذكرنا، ويقود الثانية القائمقام آدم بك عامر التنجراوي.
ناپیژندل شوی مخ