273

کتاب البلدان

كتاب البلدان

ژانرونه

جغرافیه

وقال علي بن يقطين: كنت في عسكر أبي جعفر حين صار إلى الصراة يلتمس موضعا لبناء مدينته. قال: فنزل الدير الذي على الصراة في العتيقة. فما زال على دابته ذاهبا وجائيا منفردا عن الناس يفكر. قال: وكان في الدير راهب عالم فقال لي: كم يذهب هذا الملك ويجيء؟ قلت: يريد أن يبني مدينة. قال:

فما اسمه؟ قلت: عبد الله بن محمد. قال: أبو من؟ قلت: أبو جعفر. قال: يلقب بشيء؟ قلت: المنصور. قال: ليس هو الذي يبنيها. قلت: ولم؟ قال: لأنا قد وجدنا في كتاب عندنا نتوارثه قرنا عن قرن، الذي يبني مدينة في هذا المكان يقال له مقلاص. قال: فركبت من وقتي حتى تقدمت منه فقال: ما وراءك؟ قلت: خبر ألقيه إليك وأريحك هذا العناء. قال: وما هو؟ قلت: أمير المؤمنين يعلم أن هؤلاء الرهبان معهم علم، وقد أخبرني راهب هذا الدير بكيت وكيت. فلما ذكرت مقلاصا ضحك واستبشر ونزل عن دابته فسجد وأخذ سوطه فأقبل يذرع به. فقلت في نفسي لحقه اللجاج. ثم دعا المهندسين من وقته فأمرهم بخط الرماد. فقلت له: أظنك يا أمير المؤمنين أردت معاندة الراهب وتكذيبه. فقال: لا والله ولكني كنت ملقبا بمقلاص، وما ظننت أن أحدا عرف ذلك غيري. فاسمع حديثي بسبب [32 أ] هذا اللقب: كنا بناحية الشراة في زمان بني أمية على الحال التي تعلم.

فكنت ومن كان في مقدار سني من عمومتي واخوتي نتداعى ونتعاشر، فبلغت النوبة إلي يوما من الأيام وما أملك درهما واحدا فما سواه، فلم أزل أفكر وأعمل الحيلة إلى أن أصبت غزلا لداية كانت لي فسرقته ثم وجهت به فبيع واشتري بثمنه ما احتجت إليه وجئت إلى الداية فقلت لها: افعلي كذا واصنعي كذا. قالت: ومن أين لك ما أرى؟ قلت: اقترضت دراهم من بعض أهلي. ففعلت ما أمرتها به. فلما فرغنا من الأكل جلسنا للحديث، طلبت الغزل فلم تجده، فعلمت أني صاحبه.

وكان في تلك الناحية لص يقال له مقلاص شهر بالسرقة. فجاءت إلى باب البيت الذي كنا فيه فدعتني فلم أخرج إليها لعلمي أنها قد وقفت على ما عملت. فلما ألحت وأنا لا أخرج قالت: اخرج يا مقلاص! الناس يتحرزون من مقلاصهم ومقلاصي معي في البيت. فمزح معي اخوتي وعمومتي بهذا اللقب ساعة. ثم لم

مخ ۲۸۵