ويتذمر بسمارك لأخيه غير مرة من تفه الحصاد في فارزين تقريبا، ومن أن الخشب في ساشنفالد لا يأتي بشيء ومن وجوب سفره الآن في ردهة مقطورة ومما عليه أن ينفقه في رحلته هذه من مال يزيد على ما ينفقه في أية سياحة مضت، «وعلي أن أؤدي بدل كل شيء، وأن أعين لهذا الغرض شخصا أنفق عليه عن سعة ما دمت قد شقيت بكوني أميرا، وكان يسرني أن أفكر في صير أولادي من أشراف الريف الموسرين، ولكنني لا أحب أن أبصرهم من الأمراء المعوزين.»
ويؤجر مصنع الورق في فارزين من مستصنع بثمانين ألف تالير مسانهة، ويؤجر مصنع بارود على ضفاف نهر الإلبة باثني عشر ألف تالير مسانهة، ويدخل عليه من فردريكسروه أربعة وثلاثون ألف تالير سنويا، ويقول: «ذلك دخل جميل لو لم أكن أميرا، ولن أتعود هذه الدعابة.» وتدخل حنة وتشكو إلى زوجها المتبسم - وبحضرة زائر - بحثها منذ ساعة عن خطأ أحد عشر ماركا وخمسين فنيغا
9
في دفتر حساب المنزل!
ويبلغ بسمارك السبعين من عمره، وتجمع نقود في أنحاء ألمانية لتكون هدية شكر له باطنا، و«لينفقها في الشئون الوطنية» ظاهرا، ويدفع مئات المئات من أبناء المدن قروشهم، ويدفع ألوف الألوف من العمال فنيغاتهم بتحريض وهنائهم
10
فيصل المجموع إلى 2500000 مارك، ويبلغ إلى بسمارك قرار رسمي حث بسمارك على اتخاذه وقال الملك فيه: «إنه وضع من اليوم مبلغ 1200000 مارك تحت تصرفكم لينفق في الشئون العامة، ويسرني أن أفوض إليكم أن تتسلموا ذلك المبلغ مع ما يجمع من المبالغ بعد الآن، تاركا لكم أمر إنبائي في الوقت المناسب عن نياتكم في استعمال هذه الهبات: ولهلم.»
ويقع حديث بين اللجنة والمستحق «بسمارك» فتشتري اللجنة بعض أملاك حول مركز شونهاوزن، ويسلم الدوك راتيبور إليه في عيد ميلاده صك تملك تلك الأملاك «التي كانت خاصة بآل بسمارك فأضاعوها في غضون القرون».
ويثير ذلك دهشا عاما، وإن كان بسمارك قد أنشأ في شونهاوزن وقفا على طلبة الوظائف العالية الجامعيين بمبلغ ال 1200000 مارك الذي فوض إليه تسلمه كما هو مذكور آنفا، ويزعم أن الأمة تعيد إلى رئيسها ملك أجداده، غير أن النظر إلى الأمر على هذا الوجه لا يلاقي سوى أنصار قليلين؛ فالمركز موجود هنالك دوما، وإذا كان أجداده قد باعوا بعض الأراضي منذ زمن طويل فإنه يمكن الأمير بسمارك أن يبتاعها لو أراد ما دام قد قبض مهرين.
قال لوسيوس: «لم يرتح الجمهور لذلك التفسير؛ فهنالك أناس كثيرون يرون أنه كان عليه أن ينشئ وقفا خيريا.» بيد أن بسمارك يجد ما يسوغ به وضعه بمثال الإنكليز الذين يكافئون أبطالهم القوميين بسخاء، وبسمارك ينسى أو لا يدري ما يساور الجمهور الفقير من قنوط، والجمهور قد أسهم في جمع هدية الشكر تلك معتقدا أنها تخصص للقيام بعمل صالح يستطيع صنعه. أجل إن ما وجهه «أبناء العم» من لوم إليه بعد سنة 1870 لم يعد حد الافتراء، غير أن سيره في الحال الأخيرة أساء إلى سمعته لا ريب.
ناپیژندل شوی مخ