258

بسمارک: د یوه مبارز ژوند

بسمارك: حياة مكافح

ژانرونه

2

ومهما يكن من أمر ظل رون بجانب بسمارك في وقت قلب فيه لبسمارك ظهر المجن

3

جميع أنصاره القدماء من «أبناء العم»، ولم يوجد أحد قادر على إغواء رون بأن يكون من أولئك «المصرحين الموقعين» مع أن بلانكنبرغ ابن أخت له وموضع لسره منذ عشرات السنين، وما كان من حب رون لوطنه فأكثر من حب كل بروسي له في ذلك العصر، وما كان من اعتقاده أن بسمارك أعظم منه فكان يصونه من الحسد، وهو إذ كان أذكى من «أبناء العم» الآخرين، وكان قانعا بما بلغه من السلطان لم يستح أن يكون في المرتبة الثانية، ومن عادته أن يحدث عن نفسه بقوله إنه الترس الذي قام به بسمارك.

ومن المحتمل أن ما يحمله رون من الاحترام للمستشار بسمارك هو الذي كان يسوقه إلى الانفصال عن صاحبه هذا، ورون لما كان من إعجابه العظيم ببسمارك قرر الاستقالة عند التحاك، ويفزع الملك ولم يبق له سوى ذينك الخادمين الشائبين من عزم رون فلم يأل جهدا في إمساكه، ويوفق بسمارك إلى صنع ما هو أكثر من ذلك، ويحفظ بسمارك بعبقريته هذا المخلص بجانبه في آخر الأمر ملقيا عن كاهل نفسه بعض الأعباء، فقد قلل ملال رون من منصبه بأن رفعه إلى رئاسة وزراء بروسية ناقلا المسئولية من عاتقه إلى عاتق رون حين كان كفاح المحافظين في أشد أدواره، وقد حدث هذا كله فور أخذه رسالة رون فأغذ في الذهاب إلى برلين عشية سنة 1872 الجديدة تدبيرا للأمر، وفي اليوم ذاته، وقبل أن يسافر، كتب إلى صديقه رون يخبره بأنه مريض وبأنه لا يقدر على تسيير الأمور كما في الماضي:

يسرني أن أخدم الملك وزيرا للخارجية للمدة التي يأمر بها ... ولا أستطيع أن أنقل إلى أي شخص كان ثمرة تجربتي في عشرين سنة في سياسة أوروبة الخارجية ولا ما نلته من ثقة في القصور الأجنبية، بيد أن الأمور الخارجية لأقوى الدول العظمى تتطلب انتباها موحدا غير منقسم لدى الرجل المسئول عنها ، وإن من الشذوذ الذي لم يسبق له مثيل أن يكون وزير خارجية دولة عظيمة مسئولا في الوقت نفسه عن الأمور الداخلية، وإن من شأن عملي أن يجعل للرجل الذي يقوم به أعداء كثيرين من غير أن يكسب صديقا واحدا، ورجل مثل هذا يخسر حتى أصدقاءه القدماء إذا ما أراد القيام بعمله شريفا غير خائف، وفي الداخل خسرت المكان الذي كنت راغبا فيه بسبب ارتداد حزب المحافظين، وقد شل نشاطي بالعمل الشاق، ولا يكاد الملك الراكب على السرج يشعر بأنه نهك في حصانا قويا لكثرة ما امتطاه، والكسالى وحدهم يحتملون الضربة.

ولذا عاد بسمارك لا يرغب في غير المستشارية ووزارة الخارجية:

ولصاحب الجلالة آراء ورغائب لا أستطيع الموافقة عليها، وعدت غير قادر على احتمال مسئوليتها مع وهني الراهن، واشتدت المؤثرات التي تعارضني، وزال نشاطي في الكفاح منذ الربيع بسبب عجب المحافظين المحزن وعجزهم السياسي، ولا أجد ما أصنعه تجاه المحافظين، ولا أريد فعل ما أتحداهم به، ولهذه العوامل سأقدم استقالتي الجزئية إلى جلالته بعد غد، وإذا ما أنعم الله علينا بطول العمر ذكرنا - مسرورين - تلك الأيام العظيمة التي عملنا فيها كأصدقاء قدماء مع الود الخالص الثابت.

وبسمارك بهذا الأسلوب العالي يعرض اعتزاله السياسي الجزئي الذي قدره باعتدال على أنه عمل ودي، وبسمارك يعرف في الحقيقة أنه لا يعتم أن يعود، وبسمارك ينتظر دعوته كما قال لخلصائه، ورون هو أسير بسمارك أدبيا، ورئيس وزراء بروسية الجديد هذا سيبقى في منصبه تسعة أشهر، فإذا كان من الصعب أن يعمل بأوامر بسمارك فإن من المتعذر أن يعمل بجانبه، وقد قسم المستشار سلطانه، وعلى المستشار أن يطلب إذن رجل آخر إذا ما أراد عمل شيء رئيسا للوزارة، وبسمارك هو الريخ ورون هو بروسية، ويجتنب كل تحاك باتحاد المنصبين في شخص واحد، وتبدو عيوب دستور الريخ الأساسية وتنتقم من واضعه.

ويحل شهر فبراير سنة 1873، ويبلغ بهتان الأشراف «أبناء العم» غايته؛ فهم يدهمون نجي بسمارك الشيخ فاغنر متلبسا بجرم الرشوة، وهم يحاولون أن يثبتوا اطلاع بسمارك على ذلك، ويشتاط بسمارك غيظا، ويكشف بسمارك عن ضغنه حول الأمر أمام رون وآخرين، ويغضب الصديقان، ويشعر بسمارك بأن رون لا يفعل ما فيه الكفاية في الدفاع عنه غير كاتم انفعاله، ولا مدار لرون، ويفاجأ بسمارك بالكتاب التالي مساء:

ناپیژندل شوی مخ