13
الثرثرة فيذيعون غدا ما حدث اليوم) من يفضل ومن لا يحتمل، والوزير إذ وقف وحده في عزلة رمزية صار يتعذر على كل واحد من الحاضرين أن يغضي عما أهين به، وما انعكس اليوم على مئات مرايا الردهة ينعكس في الغد على ألوف الأفئدة ...
ويقابل بسمارك الإهانة رابط الجأش، ويكتفي بتسجيلها لعدم تأثيرها في العلاقات السياسية، ويقول بعد أيام قليلة: «عادت الصلات بيننا إلى ما كانت عليه بالتدريج.» ونداوم قليلا على الكلام عن الملك حول ذلك اللقب الرفيع الذي ما فتئ بسمارك يستعمله فنقول إن الملك رضي باللقب الإمبراطوري الذي غرز فيه، ويجد الملك ما يعزيه بدرجة الكفاية في الإساءة التي عامل بها بسمارك حينما نودي به إمبراطورا، ومن عادة الملك إعادة الوثائق منتفعا بالغلاف الذي يأخذها فيه، وينجز الملك عمله في ذلك المساء - كما في كل يوم - ويقرأ الملك على الغلاف جملة «إلى صاحب الجلالة الإمبراطور، من مستشار الجامعة.» ويمحو الملك كلمة «الجامعة» ويضع كلمة «الإمبراطورية» في مكانها.
وهكذا تبدأ الإمبراطورية الألمانية عملها باحتراز واقتصاد وعدم فخار.
وإلى زوجه يكتب رون الذي أقصي عن الاحتفال قوله: «رجوت أن يشرح صدر بسمارك - ولو موقتا - بولادة مباركة لإمبراطور جديد، ومن المؤسف أن يكون الأمر غير ذلك.» وإلى زوجه حنة يكتب بسمارك قوله: «اغفري لي ما كان من تأخيري كتابة شيء إليك، فقد كانت ولادة الإمبراطورية أمرا عسيرا إلى الغاية، وقد أخذت الغيرة العجيبة من نفوس الملوك في تلك الأوقات كما تأخذ من نفوس النساء قبل أن يضعن ما لا يقدرن على حفظه فيهن، وقد عهد إلي في تمثيل دور القبيل
14
فوددت - غير مرة - لو كنت قنبلة فأنفجر حتى يصير البناء هباء منثورا»، وتمضي ليلتان على الاحتفال، فيجادل عند تناول العشاء حول الفرق بين «الإمبراطور الألماني» و«إمبراطور ألمانية» فيلزم بسمارك جانب الصمت في بدء الأمر، ثم يسأل: «أيعرف أحدكم كيف عبر فورست
15
عن نفسه باللغة اللاتينية؟ أمهزأة؟ أمهزأة؟ لا أدري أي المهازئ أصلح لي!»
الجزء الرابع
ناپیژندل شوی مخ