بیروت او لبنان له یو قرن او نیمه پېړۍ راهیسې
بيروت ولبنان منذ قرن ونصف القرن
ژانرونه
وفي السهرة القصيرة جدا، رجونا الرئيس العام - وكان موجودا في الدير هاتيك الليلة - أن يرافقنا برجل من خاصته يوصلنا إلى فقرا، فوعدنا بذلك.
ينام السياح دائما في ساعة مبكرة لكيما ينهضوا قبل الفجر، ويعدوا أعتدة السفر التي تتطلب وقتا طويلا، ثم ليتخلصوا ما استطاعوا من حرارة الشمس المحرقة. فما نهضنا وانتهينا من إعداد خيولنا حتى سألنا عن الرفيق الدليل في هذه الرحلة، فقيل لنا إنه الكاهن الذي يصلي. ففضلنا أن نحضر القداس ونستريح في مكان مضاء، على أن ننتظره خارجا في شبه عتمة.
إن دخولنا الكنيسة المقببة التي لم يكن ينيرها إلا شموع الهيكل ومسارجه قد أيقظ فينا شعورا لا يمكن أن أنساه أبدا. بهت أنا ورفاقي فبتنا كأننا في غيبوبة، ولم نملك مقدرة الإفصاح عما نشعر به إلا بعد انقضاء عدة دقائق؛ فصوت مريم الكلدانية الساحر قد كهربنا. إن ألحان الروم في طقسياتهم بديعة جدا، وشجية تحمل على الخشوع؛ فالأنغام المختلفة الإيقاع لم تلغ منها، وقد كانت هذه الراهبة المتعبدة تجيد فيها وتبدع كل الإبداع. كانت تجلس على السدة فيتعالى صوتها الرخيم إلى أجواء القبة، ثم يهبط إلى صحن الكنيسة فيوقظ جميع أصداء الهيكل الكثيرة العدد لأن الشرقيين كانوا يراعون، في البنايات التي يشيدونها، بعض القواعد المتعلقة بحاسة السمع ووقع الأنغام لتسد مسد الآلات الموسيقية التي يفتقرون إليها.
فقداسة المكان، وساعة الصبح المبكرة التي لا ينام أثناءها السائحون إلا مدفوعين بتعبهم المفرط الذي ينهك قواهم، وهذه العتمة التي كانت تخيم علينا قد زادت - ولا شك - في تأثير ذلك الصوت العجيب الذي لم يسمع مثله أحد منا. ويظهر أن ترانيم الراهبات - حسب هذا الطقس - مختلفة الإيقاع في كل مقطوعة من مقطوعاتها، فلا تشبه البتة ترانيم الأساقفة المسكوبيين الخناء، وهذا الذي يزيد في روعتها وسحرها. تحدثت أمام كثيرين عن الراهبة الكلدانية، فذهب كثير من هواة الصوت الرخيم ليروها، فطار صيتها، وأمست أحد الأشياء التي يشتهر بها الجبل. أذهل صوتها الجميل السيد بودين بقدر ما أذهلني، فما استطاع أن يخفي إعجابه به؛ فأعرب لها عن ذلك قائلا: «أختاه، إن صوتك يحمل على تمجيد الله!» ولكن إطراء يوجه إلى راهبة عليها أن لا تفاخر بموهبة دنيوية يذهب ضياعا ...
ثم ركبنا خيولنا بعد أن أفلتنا من هذا الدير الذي سنرجع إليه ثانية. فأنبأونا - لدى عودتنا - عن آثار ومخطوطات تبعد مسافة ساعة أو ساعتين عن الدير لجهة الشرق، في مكان يدعى بدين، إلا أننا لم نتمكن من الذهاب إليه.
تسلقنا الجبال العالية في طرقات ملتوية صعبة ... لم نبال قط بمشقات الطريق لأن المناظر التي كانت تتجدد على التوالي أنعشت أبصارنا. إنها أجمل بقعة وقع عليها نظري في جميع أنحاء لبنان؛ فالجبال المخضرة التي تتوج رءوسها كتل ضخمة من الصخور، كأنها على أهبة الانقضاض، والأودية الحافلة بغابات السنديان والجوز والصنوبر، والأنهار ذات المياه البلورية
2
العذبة؛ هذه جميعها تنسي الدرب الطويل الشاق، فالذاهب إلى فقرا من هناك يدركها بعد مشي ساعة.
وأول ما رأيناه، في فسحة كبيرة من الأرض تقارب مساحتها نصف فرسخ، بعض الجدران القائمة بين صخور مبعثرة هنا وهنالك. وهذه الجدران التي لم تتهدم مبنية بحجارة منحوتة متساوية الحجم، ولا تزال قوية متينة، إنها - ولا شك - معالم مدينة قديمة.
وإذا ما ملنا بضع خطوات عن الطريق لجهة اليسار، نجد أنفسنا بين أنقاض هيكل فقرا.
ناپیژندل شوی مخ