عاد ففتح باب الشقة على مصراعيه، قبل أن تطرقه ثلاث فتيات فلسطينيات يطلبن تسوية قهوة على بوتاجازه، ومن فوره اختفى معهن داخل المطبخ الضيق.
احتدم نقاشهن الذي لم يكن يخلو من ضحكات صافية: خروج.
وتصورها لحظة طرد جماعية، وود لو أنه واصل بحثه ولم يكل.
جاءته إحدى الفتيات خلسة بهدف الاطمئنان والتسرية عنه، تزحف على أربع على بلاطات الغرفة، بيدها لفافتها المشعلة - الملفوفة - لتقدمها إليه جاثية على أربع: الأخت الصغرى.
تعارفا حين قدمت له نفسها في بدلتها الجينز الأقرب إلى زي المحاربين، أميل إلى القصر والامتلاء، واسمها شادية، مخطوبة لشاب لبناني يدعى: بسام.
وبدت قليلا مؤرقة وهي تقاربه ضاحكة لا يروقها الموقف بكامله، خاصة على هذا المحور، وأشارت له إلى الجهة المقابلة من الشرفة دون إدراك منه لشيء سوى تفهمه لمخاوفها الدفينة على صديقها المقاتل على ذلك المحور، وحيث أشارت «بسام».
ذكرته كثيرا بصديقته من حيث حساسيتها وفروسيتها الدافقة، حتى ومحاولتها لتقريب حذائه من تحت السرير.
هب من فوره معتدلا مرحبا، معاودا الانضمام إلى الباقين الذين تعالت أصواتهم بما يتلاءم والقصف القريب الضاري، ودارت القهوة واللفائف وجرعات العرق اللبناني الساخن، فلا كهرباء ولا ثلاجات.
اختلطت أصوات الفتيات وتعبيراتهن الساخطة الماجنة الهلعة مع أصوات راديو لالتقاط الأخبار، وتعرف موقع القدم، التنفيس فيما يحدث من أخطار محيطة مطبقة.
جرت إحدى الفتيات إلى الشرفة مشيرة إلى حيث الإنزال، واشتداد حركة مقاتلي القوات المشتركة في تشبثهم بأماكنهم أعلى البنايات المواجهة يسارا، وخلف متاريس الشوارع، لا يثنيهم عن موقعهم تقدم صفوف الدبابات المشرفة على التلال المحيطة بالمدينة المحاصرة.
ناپیژندل شوی مخ