وبدا القلق أكثر مرتسما على وجه شادية.
تواصل القتال على مرأى منهم، وتداخل الجميع بعضهم في بعض، وارتفع ذعر السكان أكثر من فقراء ومطاردي الشعبين اللبناني والفلسطيني في الأدوار السفلى، للحظة أقرب إلى الومضة، تبدى الأمر له كمثل كابوس جاثم مخيم، ولا مهرب.
ركض مرات إلى الطرقة الخارجية، وتداخل في المهجرين المتلاصقين في بعضهم البعض كجسد واحد، دم واحد يسري متدفقا في الشرايين، حتى لم يعد يعرف اللبناني من الفلسطيني. - أما من مفر؟
قاربته الفتاة بيدها شمعة، وحين عاد إلى داخل المسكن أسلم نفسه للعريض والفتيات متداخلا مفترشا بلاط الشقة وبضع مخدات قطنية، تاركا قياده لمهرب - العريض - بالنسيان والتناسي ضاحكا مع الباقين.
بينما الدوي والحصار يزحف أكثر مطبقا على الجميع، حين غفا المهاجر نائما، وعلا غطيطه .
الفصل الثاني والعشرون
في ضحى اليوم التالي - على غير موعد - ودون جهد منه للبحث عنها.
التقيا هكذا داخل إحدى غرف عمليات مستشفى شاتيلا الذي لا يبعد عن بيت مضيفه محمود العريض أكثر من حارتين جانبيتين وثلاثة شوارع.
ذلك أن العريض أيقظه من نومه وغفوته التي ألمت به فجأة، معلنا في أذنه بأعلى صوته الجهوري مدويا: قوم قوم، البنت شادية استشهدت. - شادية.
اندفع من فوره جالسا ممسكا برأسه بين كفتيه من أثر الصداع ورطوبة البلاط، محاولا استرجاع الاسم وملامح تلك الفتاة الفلسطينية في زيها العسكري ومرحها العذب، وذلك الحنان الجارف الذي أحاطته به منذ أن التقيا أمس، حتى إنه نسي المعارك وأوجاعه واستسلم لنوم عميق أفاق منه على استشهادها. - كيف؟
ناپیژندل شوی مخ