ومنه قال أبو بكر: واختلفوا في التكبير لسجود القرآن، فقال ابن سيرين وأبو قلابة وإبراهيم النخعي والحسن البصري ومسلم بن سيار وأبو عبد الرحمن السلمي يكبر إذا سجد، وبه قال الشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وأصحاب الرأي يقولون: يرفع رأسه من السجود ويكبر. وقال مالك بن أنس كقولهم، إذا كان القارئ في الصلاة، ويضعف ذلك إذا كان في غير الصلاة، وقد اختلف عن مالك في التكبير السجود إذا كان في غير صلاة، وكان الشافعي وأحمد بن حنبل يقولان: يرفع يديه إذا أراد أن يسجد .
قال أبو سعيد: معي أنه يخرج في قول أصحابنا بمعنى الاتفاق أن الساجد لسجدة القرآن يسجد بتكبيرة، ويرفع رأسه بتكبيرة ولو كان في غير الصلاة، وأما في الصلاة فلا أعلم أن ذلك يسع تركه إذا كان في الفريضة؛ لأنه قد ثبت في قولهم: إنه إذا قرأ السجدة في الفريضة أن يسجد، ولولا أنها لازمة في الصلاة لما جاز إدخالها في الصلاة، وقد قال كثير من أهل العلم إنه حد، أعني السجدة من السجدتين. ويخرج معنى الاتفاق أنه لا يجوز لأحد أن يزيد في الصلاة حدا من الحدود، وليس هو فيه، فلما أن ثبت بمعنى الاتفاق إجازتها في صلاة الفريضة ثبت أنها من الصلاة غير القراءة لها، وأنها ليست بزيادة في الصلاة، وثبت أنه لا يجوز السجود في الصلاة ولا القيام عنه إلا بالتكبير، فإذا كان ثابتا في الصلاة الفريضة فمثله في غير الصلاة في السنة والفضيلة.
مخ ۵۸