117

بحر متوسط

البحر المتوسط: مصاير بحر

ژانرونه

ومن المحتمل أن كان من الإصابة قول كاتون صارخا: «ماذا يحدث لرومة إذا لم يبق من الدول ما تخافه؟» حتى إن الربا أخذ يظهر في زمنه، ومن ذلك أن بعضهم نال من الفوائد 48 في المائة في سنين كثيرة فاستطاع أن يشري لقب فارس في رومة، ومن ذلك أن شركة مغفلة في عهد سيلا أقرضت الجمهورية الرومانية ثلاثين مليون دولار فطالبتها بأن تدفع 150 مليونا بعد عشر سنين، ومن ذلك أن أقرض الشريف بروتوس مدينة سلامين بفائدة 48 في المائة، وبلغ هذا التعامل في عهد الأباطرة، كما في الأزمنة الحديثة، مبلغا ينزع معه ملك الزراع المدينين وتنهب معه مستعمرات وتشن معه غارات تجارية وتقام معه أسواق نخاسة، إلا أن المال الزائد كان لا يوظف ثانية وإنما كان يسرف في النفائس فيصبح البرطيل السياسي أمرا لا مفر منه لقضاء حياة زاهية.

وكان يمكن أغنى الناس أن يبتاع الجمهورية منذ زمن قيصر أيضا، وكانت الحكومة الثلاثية تصادر أموال خصومها، ومثل المرابي كراسوس في تلك الأعمال دورا كبيرا، وبلغ ما وهبه قيصر لكل واحد من العوام خمسة وعشرين دولارا فضلا عن القمح والزيت؛ أي ما يعدل في الوقت الحاضر هدية ألف دولار تقدمها الحكومة إلى كل واحد من أبناء الوطن. وكانت النقود الفضية تعد للشعب، وكانت النقود الذهبية تعد للكتائب، وكانت وفود الولايات التي تأتي إلى رومة للمفاوضة في مقدار الجزية السنوية تبرطل أعضاء مجلس السنات، فلما دفع سبيون «حلوانه» إلى الخزينة الحربية عد رجلا غريب الأطوار. وفي الغالب كان يستدعى وكلاء القناصل الذين يقومون في ولاياتهم بأحكام القانون قياما وثيقا؛ وذلك لأنه كان من العادة أن يستوفي القنصل من الولاية؛ أي من الوكيل في السنة الثانية، نفقات انتخابه لمنصب القنصلية الرفيع الشأن، فيكري، في سبيل هذا الغرض، بعض الملتزمين حق جباية ضرائب من الولاية فيجمع هؤلاء الملتزمون تلك الضرائب ضعفين لحسابه الخاص.

وفي الإمبراطورية زاد الرق، الذي كانت تستند إليه جميع الدول القديمة، وفق محط

14

أعلى من زيادة السكان. وكان الرق يناقض أدبيا، وعلى وجه يقف النظر، ذلك المجتمع الروماني البالغ الغنى والليان والذي لا عهد لأثينة به في الدور الكلاسي.

15

وكان الملايين من العبيد الرومان يجمعون من أبناء البلاد المقهورة، وكان معدلهم الثقافي المتوسط على النقيض من ثمنهم. وكان في الغالب يوجد في منازل الرومان الجديدة عدة مئات من العبيد ليسوا من الخدم والطهاة والأجراء فقط، بل من المربين والموسيقيين والأطباء أيضا. وكان للأسير اليوناني أن يبتسم غالبا عندما يرى مستوى سادته الثقافي المنحط، وقد يسمع فيلسوف شاب صيرفيا يتكلم حول مائدة! وهو، مع وقوفه خلف كرسي مولاه، يفكر لا ريب في أبيه الذي لم يحتفظ ببعض العبيد إلا عن ولع بالفلسفة.

وقديما كان لا يضطر إلى عمال إلا لصيانة البيت والحديقة، وأما في هذا الدور فقد أخذت المعاهد الرومانية الكبرى تستخدم عمالا بأجور ضئيلة لمزاحمة العبيد، شأن «فقراء البيض» في جنوب الولايات المتحدة، وكان يمكن تسريح هؤلاء العمال في فصل الشتاء على حين كان يجب إطعام العبيد وتشغيلهم في صنع النسج الصوفية والأواني الخزفية. ومن فائدة رأس المال إيقاد نار حروب جديدة يتسع بها نطاق الديون ويهبط بها ثمن العبيد، ومن الواقع أن من نتائج الفتوح الموفقة إمكان اشتراء العبد بمبلغ كان يترجح بين أربعة دولارات وثمانية دولارات بدلا من الثمن المعتاد الذي كان يترجح بين 25 دولارا ومائة دولار، وذلك على حين كان يدفع مائة دولار ثمنا للجواد. ومع الثمن هبطت حرمة الحياة البشرية والكرامة الإنسانية أيضا، فكان يدعى العبيد ب «الآلات الناطقة» في مقابل الآلات الصامتة، وكان أكثر من يرغب فيهم من الناس على الرغم من رقهم هم الحسان الشرقيات البارعات في أمور الغرام والعبيد الماهرون في إعداد السموم أو العارفون برسم الصور الداعرة على جدر رداه طعام الأغنياء.

وكان الحصفاء وحدهم، هم الذين يبصرون، كما في زماننا، عدم دوام الأمور على ما هي عليه زمنا طويلا، فمع أن بوليون كان يقذف العبد ليصير طعمة للسلور

16

ناپیژندل شوی مخ