162

بهګت الانوار

بهجة الأنوار

ژانرونه

الخ) إشارة إلى ما في قوله تعالى: { والأرض جميعا قبضته يوم القيامة } الزمر : 67 وإلى ما في قوله تعالى: { الرحمن على العرش استوى } طه : 5 أي القبضة في تلك الآية والإستواء في هذه الآية وفي نظائرها بمعنى الملك(_( ) وكذلك تجد ابن جرير الطبري يأول (الاستواء) بالملك والسلطان حين يقول في تفسيره (1/228 229) ما نصه: "والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله: { ثم استوى إلى السماء } الذي هو بمعنى العلو والارتفاع، هربا عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بالمعنى المفهوم كذلك أن يكون إنما علا وارتفع بعد أن كان تحتها إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر. ثم لم ينج مما هرب منه! فيقال له: زعمت أن تأويل قوله: { استوى } أقبل؛ أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها؟. فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل، ولكنه اقبال تدبير، قيل له: فكذلك فقل؛ علا عليها علو ملك وسلطان، لا علو انتقال وزوال." ا.ه واستنكار البعض بأن لو أريد بالإستواء الإستيلاء لجاء ولو في آية واحدة من آيات الإستواء، يجيب عليه التقي السبكي حين يرد على ابن القيم في كتابه "السيف الصقيل" ص(86 87) فيقول: "وهذا الذي قاله ليس بلازم، فالمجاز قد يطرد وحسنه أن لفظ استوى أعذب وأخصر، وليس هذا من الإطراد الذي يجعله بعض الأصوليين من علامة الحقيقة، فإن ذلك هو الإطراد في جميع موارد الإستعمال، والذي حصل هنا اطراد استعمالها في آيات فأين أحدهما من الآخر، ثم إن استوى وزنه افتعل فالسين فيه أصلية واستولى وزنها استفعل فالسين فيه زائدة ومعناه من الولاية، فهما مادتان متغايرتان في اللفظ والمعنى، والإستيلاء قد يكون يحق وقد يكون بباطل، والإستواء لا يكون إلا بحق، والإستواء صفة للمستوي في نفسه بالكمال والإعتدال، والإستيلاء صفة متعدية إلى غيره، فلا يصح أن يقال: استولى. حتى يقول: على كذا. ويصح أن يقول: استوى. ويتم الكلام، فلو قال: استولى. لم يحصل على المقصود.

ومراد المتكلم الذي يفسر الإستواء بالإستيلاء، التنبيه على صرف اللفظ الموهم للتشبيه، واللفظ قد يستعمل مجازا في معنى لفظ آخر ويلاحظ معه معنى آخر في لفظ المجاز، ولو عبر عنه باللفظ الحقيقي لاختل المعنى، وقد يريد المتكلم أن الإستواء من صفات الأفعال كالإستيلاء المتمحص للفعل من كل وجه، فيكون السبب في لفظة الإستواء عذوبتها واختصارها فقط دون ما ذكرناه ولكن ما ذكرناه أحسن وأمكن، مع مراعاة معنى الإستيلاء. وانظر قول الشاعر:

قد استوى بشر على العراق من غير سيف ودم مهراق

ولو أتى بالإستيلاء لم يكن له هذه الطلاوة والحسن، والمراد بالإستواء كمال الملك وهو مراد القائلين بالإستيلاء، ولفظ الإستيلاء قاصر عن تأدية هذا المعنى فالإستواء في اللغة له معنيان:

مخ ۱۹۵