قال الحسن بن يحيى (1) لمن سأله عن صفات الله تعالى: وسألت عن صفات الله سبحانه فإن الله لم يزل سميعا بصيرا، عزيزا حكيما، عالما قديرا، التام بجميع صفاته التي وصف بها نفسه قبل أن يخلق الخلق وبعد ما خلقهم، لم يزده خلقه لهم في صفته إلا بتلاوة ما عرفهم من عظمة جلاله، ولم تنقص صفة بعد فناء الخلق؛ فتبارك الله أحسن الخالقين تبارك وتعالى عن أن يدركه الواصفون إلا بما وصف به نفسه بلا تحديد ولا تشبيه ولا تناهي، فجميع الأشياء شاهدة له بالوحدانية، وخاضعة مستكينة لعز جلاله فتبارك الله الذي ليس له نعت موجود ينقص ولا يقترن بوقت معدود، ولا أجل محدود، وسبحانه الذي ليس له أول يبتدئ ولا غاية تنتهي، ولا آخر يفنى هو كما وصف نفسه والواصفون لا يبلغون نعته حد، الأشياء كلها عند خلقه إياها إبانة له من شبهها وإبانة لها منه، فلم يحلل فيها فيقال هو فيها كائن، ولم ينأ منها فيقال هو منها بائن، ولم يخل منها فيقال أين؛ ولكنه سبحانه أحاط بها علمه وأتقنها وصنعه، ودلها أمره وأحصاها حفظه، ولم تعزب عنه خفيات غيوب الهوى، ولا غامض سرائر مكنون ظلم الدجى، ولا ما في السموات العلى، والأرضين السابعة السفلى، لكل شيء فيها حافظ ورقيب محيط، وكل شيء منها بكل شيء محيط، والمحيط بما أحاط به منها الله الواحد الأحد الصمد.
مخ ۳۷