وجوه يوم بدر ناظرات إلى الرحمن يأتي بالخلاص وغير ذلك، ويجب رد هذه الأدلة بهذا التأويل إلى قوله تعالى:[ ]{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} وقوله تعالى:[ ] {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير}(1) وقوله تعالى لرسوله موسى -صلى الله عليه وسلم- فيما حكى عنه تعالى:[ ]{لن تراني}(2) ثم اعلم أن كل اسم يوهم النقص في حق الله تعالى أو الاستهزاء به أو بكتاب من كتبه أو برسول من رسله أو نبي من أنبيائه، ولا يجوز تعمد الكلام به "(3) وكذلك فإنه لما ثبت أن الله تعالى ليس بجسم ولا عرض؛ وقد تقدمت الأدلة القاطعة القطعية على ذلك، فلا يصح أن يدرك بشيء من الحواس الخمس في الدنيا ولا في الآخرة، لأن الحواس لا تدرك إلا الأجسام وأعراضها فلا تساغ للاستدلال على الله تعالى إلا بصنعه تعالى وكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم المعروضة على محكم القرآن، ولا يجب على المكلف أن يعرفه تعالى [9أ](4) إلا بما دل له عليه ذلك فلا يجوز غير ذلك أبدا، ومن المتشابه الذي يجب رده إلى المحكم قوله تعالى:[ ] {وجاء ربك}(5) وقوله تعالى:[ ] {فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا}(6) معناه: جاء أمر ربك ويأتي أمر ربك وفأتاهم أمر الله من حيث لم يحتسبوا ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم:[ ] ((إن الصدقة تقع بيمين الله))(7) فالمعنى بقبول الله تعالى، ومن ذلك قول النبي -صلى الله عليه وآله وسلم:[ ] عشية عرفه ((إنه إذا كان في هذه العشية هبط الله سبحانه إلى السماء الدنيا)) فالله سبحانه أعظم من أن يزول وينتقل من مكان أو تحويه الأمكنة أو يغفل عن مكان بسبب حيادة مكان، فهو -سبحانه- لا تحويه الأمكنة ولا هو -سبحانه- يغفل عنها وهبوطه تعالى نظره إلى الشيء ومن ذلك ما روي عنه -صلى الله عليه وآله وسلم ((وكلتا يديه يمين))(1) قال الإمام أحمد بن عيسى:[ ] المعنى بذلك ملك الله وقدرته؛ وكذلك نقول كما قال عليه السلام في تأويلها ولا نكذبها لأن لها محملا صحيحا مع التأويل، ونقول أنه -سبحانه وتعالى- موجود بكل مكان غير محوي ولا ممازج ولا محدود ولا مقترن ولا يكيف وجوده بتجسيم ولا بما يدل على تجسيم من تحديد وثناه، قال الله في ذلك: [ ] {يعلم ما بين أيدهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما}(2) أي: لا يحيطون بتكييف ذاته تعالى ولا يقدر جميع خلقه تعالى على تحديده تعالى وليس تعالى جسما فيصح تحديده وتكييفه -تعالى عن ذلك علوا كبيرا.
مخ ۳۴