[تعريف الأسماء الحسنى] كل إسم حقيقة أو مجازا يفيد المدح، وقد سمى الله تعالى نفسه بالأسماء الحقيقية والمجازية، فيجب التوقف على ما سمى به نفسه تعالى من الأسماء المجازية وما لم يرد به دليل من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من الأسماء المجازية لم يجز إطلاقه على الله تعالى، وما ورد منها في الكتاب والسنة مما يكون إطلاقه على الله تعالى حقيقة تقضي بالمشابهة بالأجسام والأعراض وجب تأويله على المجاز على وجه أن يكون فيه مطابقا للمحكم من كتاب الله والسنة القاطعة وحجة العقل الصحيحة، وقد ورد من ذلك في الكتاب والسنة كثير، من ذلك قوله تعالى: [ ] {كل شيء هالك إلا وجهه}(1) فيجب تأوله في حق الله تعالى بذاتة تعالى أي: {إلا وجهه} إلا ذاته؛ وذلك أن الوجه في اللغة ليس بمقصور حقيقة ومجازا على وجه الإنسان، ويقول العلماء: هذا وجه المسألة -يعني بذلك دليلها- ولأن الله تعالى عبر للعرب بالعبارات الجلية عندهم، والقرآن نزل على لغتهم، ومن ذلك قوله تعالى:[ ]{تجري بأعيننا}(2) فذلك تمثيل وتصوير لحالة حفظه تعالى مع القدرة بحالة من يحفظ ولا يسهو؛ فهي في حق الله تعالى بمعنى الحفظ يعني تعالى تجري السفينة [8ب] بأعيننا بحفظنا، وليس المقصود كعين الإنسان -تعالى الله عن ذلك- والعين في اللغة تكون بمعنى الحافظ يقول العرب: "فلان عين على آل فلان" تعني حافظا لما يصدر منهم، وتكون للماء وتكون للذات، تقول عين الشيء أي: ذاته، وصارت بالتعارف حقيقة في الجارحة؛ لأنها إذا أطلقت فهمت الجارحة بغير قرينة دون غيرها من الذات والماء إلا بقرينة، ومن ذلك قوله تعالى: [ ] {بل يداه مبسوطتان}(1) وقوله تعالى: [ ] {والسموات مطويات بيمينه}(2) فذلك تصوير لقدرته تعالى وعظمته ويسر ذلك عليه، وليس هناك يد هي جارحة -تعالى الله عن أبعاض المحدثات علوا كبيرا- ومن ذلك قوله تعالى: [ ] {وجوه يومئذ ناظرة إلى ربها ناظرة}(3) فإن النظر قد صار حقيقة عرفية في المشاهدة للمرئي مجاز في غيره؛ لأن النظر إذا أطلق فهمت الرؤية منه بغير قرينة بخلاف نظر المقابلة وغيره فلا يفهم إلا بقرينة، فالنظر حقيقة عرفية في المرئي وليس الله سبحانه ممن تصح رؤيته لأنه تعالى ليس بجسم ولا عرض، ولا يشاهد بالنظر ويدرك به الأهماء، فيجب تأويل النظر في حق الله تعالى إلى الانتظار، فنقول في قوله تعالى: {إلى ربها ناظرة} أي: منتظرة لثواب الله تعالى ربها نظرا استبشار لقوله تعالى قبل ذلك: {وجوه يومئذ ناظرة} أي: ناعمة مشرقة بما عملت به من الثواب، والنظر في اللغة بمعنى الانتظار قال:[ ]
مخ ۳۲