تمام إذا أسلم نفسه للتكلف، ويرى أنه إن مرّ على اسم موضع يحتاج إلى ذكره أو يتصل بقصة يذكرها في شعره، من دون أن يشتقّ منه تجنيسا، أو يعمل فيه بديعا، فقد باء بإثم، وأخلّ بفرض حتم، من نحو قوله: [من البسيط]
سيف الإمام الذي سمّته هبّته ... لمّا تخرّم أهل الكفر مخترما
إنّ الخليفة لمّا صال كنت له ... خليفة الموت فيمن جار أو ظلما
قرّت بقرّان عين الدين واشتترت ... بالأشترين عيون الشّرك فاصطلما (١)
وكقول بعض المتأخرين: [من الكامل]
البس جلابيب القنا ... عة إنّها أوقى رداء
ينجيك من داء الحري ... ص معا ومن أوقار داء (٢)
وكقول أبي الفتح البستي: [من السريع]
جفّوا فما في طينهم للذي ... يعصره من بلّة بلّه (٣)
وقوله: [من الوافر]
أخ لي لفظه درّ ... وكلّ فعاله برّ
تلقّاني فحيّاني ... بوجه بشره بشر (٤)
لم يساعدهما حسن التوفيق كما ساعد في نحو قوله: [من الوافر]
وكلّ غنى يتيه به غنيّ ... فمرتجع بموت أو زوال
_________
(١) الأبيات لأبي تمام في ديوانه: ٢٨٤، من قصيدة قالها في مدح إسحاق بن إبراهيم المصعبي.
والشتر: انقلاب الجفن من أعلى وأسفل قلما يكون خلقة، وقيل: هو أن ينشق الجفن حتى ينفصل الحتار. وقرّان (بالضم وتشديد الراء) والأشتران: مواضع في بلاد الخرمية بين نهاوند وهمدان. والجناس في البيت الأخير يسمونه المطلق.
(٢) أوقار داء: الأوقار: جمع وقر بالفتح وهو الحمل الثقيل، أي: أثقال داء، والجناس في قافية البيتين يسمونه المركب وتركيبه في الطرفين (رشيد رضا).
(٣) في المخطوطة والمطبوعتين: «من بلة بالله» وهو كلام بلا معنى، والصواب ما في ترجمته في يتيمة الدهر للثعالبي، والبلّة الأولى: البلل. والبله الثانية: الخير والرزق وما ينتفع به (محمود شاكر).
(٤) البيتان هما لأبي الفتح البستي في ديوانه. والبشر (بالتحريك) جمع بشرة: وهي ظاهر الجلد وسكن الشين للضرورة.
1 / 22