وهب جدّي طوى لي الأرض طرّا ... أليس الموت يزوي ما زوى لي (١)
ونحوه: [من السريع]
منزلتي تحفظ من ذلّتي ... وباحتي تكرم ديباجتي (٢)
واعلم أنّ النكتة التي ذكرتها في التجنيس، وجعلتها العلّة في استيجابه الفضيلة وهي حسن الإفادة، مع أنّ الصورة
صورة التكرير والإعادة وإن كانت لا تظهر الظهور التامّ الذي لا يمكن دفعه، إلا في المستوفى المتفق الصورة منه كقوله: [من الكامل]
ما مات من كرم الزمان فإنه ... يحيى لدى يحيى بن عبد الله (٣)
أو المرفوّ الجاري هذا المجرى كقوله: «أو دعاني أمت بما أو دعاني». فقد يتصوّر في غير ذلك من أقسامه أيضا، فمما يظهر ذاك فيه ما كان نحو قول أبي تمام:
[من الطويل]
يمدّون من أيد عواص عواصم ... تصول بأسياف قواض قواضب (٤)
وقول البحتري: [من الطويل]
لئن صدفت عنّا فربّت أنفس ... صواد إلى تلك الوجوه الصّوادف (٥)
_________
(١) البيتان هما لأبي الفتح البستي في ديوانه، وأخطأ من نسبهما لأبي الفضل الميكاليّ، ورواية الديوان: «طوى لي الأرض طيا» وهي أجود [محمود شاكر].
(٢) البيت لأبي الفتح البستي في ديوانه، وفي مطبوعة محمود شاكر: «منزلتي يحفظها منزلي».
والديباجة: صفحة الوجه، والباجة: الكيس تكون فيه الدراهم، فهي التي تحفظ على الوجه ديباجة وجهه.
(٣) البيت لأبي تمام في ديوانه، والمصباح: ١٨٤، والإيضاح: ٥٣٦، والتجنيس بين الفعل «يحيا» والاسم «يحيى».
(٤) البيت في ديوانه: ٤٦، من قصيدة قالها يمدح أبا دلف القاسم بن عيسى العجلي، وقبله:
جحافل لا يتركن ذا جبرية ... سليما ولا يحربن من لم يحارب
والبيت في الإيضاح: ٣٣٥، تحقيق د. عبد الحميد هنداوي، والطراز: ٢/ ٣٦٢، والمصباح:
١٨٧، وإعجاز القرآن: ٨٧، وكتاب الصناعتين: ٣٤٣، ونهاية الإعجاز: ١٢٨، والشاهد في قوله:
عواص عواصم، وقواض قواضب.
القواضب: السيوف القاطعة.
(٥) البيت في ديوانه. والصوادف: الإبل التي تأتي على الحوض فتقف عند أعجازها تنتظر انصراف الشاربة لتدخل.
1 / 23