وقد قال فى ذلك أنبادقلس قولا فلم يحسن: زعم أن النبات إنما يزداد تربية من ناحية العمق من أجل أن فى طباع الأرض الهبوط إلى السفل، وكذلك تكون الزيادة فيها إلى ناحية العلو من أجل أن الطباع فى النار يجذبها فى العلو. فتأول ولم يحسن التأويل فى العلو والسفل، لأنهما ليسا بحالة واحدة فى جميع النامية، وإنما أصول الشجر بمنزلة رأس الحيوان، والآلة وإن اختلفت فالعمل يجمعها. ومع هذا للسائل أن يسأل فيقول: ما الذى يحبس النار والأرض من ألا يذهبا على مجراهما؟ فانه إن لم يكن لهما حابس تشذبتا وتفرقتا. وإن كان هناك حابس فذلك هو النفس، وهو علة الغذاء والتربية.
وقد ظن أقوام أن طباع النار علة الغذاء، لأن النار فى ظاهر أمرها تغتذى من بين الجسوم والعناصر وتربو؛ لذلك جاز للظان أن يظن أن هذا من فعلها فى النامية والحيوان. — وإنما النار مع علة الغذاء ليست بنفسها علة الغذاء، بل النفس علة ذلك. والنار، ما أمكنتها الهيولى، كانت زيادتها لا غاية لها؛ وجميع ما ينميه الطباع له غاية معروفة، ولعظمه وتربيته حد من الحدود. وهذا من فعل النفس وليس من فعل النار، ولعله كان 〈من الصورة، لا〉 من الهيولى.
مخ ۳۹