الاربعون حديثا :81
وحينما تقول «اياك نعبد واياك نستعين» فهل تراك تعبد الله ام تعبد بطنك وفرجك ؟ هل انت مطالب لله او للحور العين ؟ هل تطلب العون من الله فقط ؟ ان الشيء الذي لا ياخذ بعين الاعتبار في الاعمال هو الله ، وانت اذا ذهبت الى زيارة بيت الله ، فهل ان مقصدك ومقصودك هو الله ، وان مطلبك ومطلوبك هو صاحب البيت ؟ وهل قلبك مترنم بقول الشاعر :
وما حب الديار شغفن قلبي
ولكن حب من سكن الديارا
اباحث انت عن الله ؟ اتطلب آثار جمال الله وجلاله ؟ ألاجل سيد المظلومين تقيم العزاء ؟ ألاجله عليه السلام تلطم على راسك وصدرك ام لاجل الوصول الى آمالك وامانيك ؟ أهي بطنك التي تدفعك لاقامة مجالس العزاء ، وشهوة الظهور هي التي تدفعك للذهاب الى صلاة الجماعة ، وهوى النفس هو الذي يجرك للمناسك والعبادة ؟
فيا ايها الاخ ، كن حذرا تجاه مكائد النفس والشيطان ، واعلم انه لن يدعك ايها المسكين بان تؤدي عملا واحدا باخلاص ، وحتى هذه الاعمال غير الخالصة التي تقبلها الله تعالى منك بفضله ، لا يدعك الشيطان ان تصل بها الى الهدف ، فيعمل عملا تحبط به اعمالك كلها ، وتخسر حتى هذا النفع بسبب هذا العجب والتدلل في غير موقعه . وبغض النظر عن بعد الوصول الى الله ورضاه ، فانك لن تصل الى الجنة ولا الى الحور العين ، بل تخلد في العذاب وتعذب بنار الغضب كذلك .
انت تظن انك بهذه الاعمال المتفسخة المتعفنة الهزيلة الممزوجة بالرياء وطلب السمعة والف مصيبة اخرى التي تحول دون قبول العبادات كلها ، تظن انك بها تستحق الاجر من الحق تعالى او انك اصبحت بها من المحبين المحبوبين . ايها المسكين الجاهل باحوال المحبين ! يا سيئ الحظ الذي لم يطلع على قلوب المحبين ، وعلى لهب شوقها تجاه الحق سبحانه ، ايها المسكين الغافل عن حرقة المخلصين ونور اعمالهم ! او تظن ان اعمالهم ايضا مثل اعمالي واعمالك ؟ او تتوهم ان ميزة صلاة امير المؤمنين عليه السلام عن صلاتنا انه عليه السلام كان يمد «الضالين» اكثر او ان قراءته اصح او ان سجوده اطول واذكاره واوراده اكثر ؟ او ان ميزة ذلك الرجل العظيم في انه كان يصلي عدة مئات من الركعات ليليا ؟ او تظن ان مناجاة سيد الساجدين علي بن الحسين هي مثل مناجاتي ومناجاتك ؟ وانه كان يتحرق ويتضرع ويتلظى بتلك الصورة من اجل الحور العين والكمثرى والرمان من نعم الجنة ؟
اقسم به صلوات الله وسلامه عليه (وانه لقسم عظيم) لو ان المحبين بعضهم كان ظهيرا لبعضهم الآخر ، وارادوا ان يتفوهوا كلمة (لا اله الا الله) مرة واحدة بمثل ما كان يقولها امير المؤمنين عليه السلام لما استطاعوا . فكم اكون تعيسا وشقيا ان لا اكون على خطى علي عليه السلام وانا من العارفين لمقام ولاية علي عليه السلام ؟ .
مخ ۸۱