سبعون ذراعا . فلماذا اذا تحسب نفسك دائنا لله ، وتهيأ لنفسك بهذا التدلل والعجب عذابا آخر ؟ اعمل الاعمال التي امرت بها ، واعلم انها ليست لاجل الله ، واعلم ان الله يدخلك الجنة بتفضله وترحمه ، وان الله تعالى خفف عن عباده لضعفهم بالتجاوز عن نوع من الشرك واسدل عليه بغفرانه ورحمته حجاب ستره ، فحاذر ان يتمزق هذا الحجاب وليبق حجاب غفران الله على هذه السيئات التي اسميناها عبادة ، فاذا حدث لا سمح الله ان انطوت صفحتك هذه ورحلت من هذه الدنيا وجاءت صفحة العدل فان عفونة عبادتنا عندئذ لن تقل عن عفونة المعاصي والموبقات التي يرتكبها اهل المعصية . وقد اشرنا فيما مضى الى حديث ينقله ثقة الاسلام الكليني في كتاب (الكافي) بسنده الى الامام الصادق عليه السلام ، وهنا ننقل قسما من هذا الحديث بنصه تبركا وتيمنا : «عن ابي عبد الله عليه السلام قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال الله عز وجل لداود عليه السلام : «يا داود بشر المذنبين وانذر الصديقين . قال : كيف ابشر المذنبين وانذر الصديقين ؟ قال : يا داود بشر المذنبين اني اقبل التوبة واعفو عن الذنب وانذر الصديقين ان لا يعجبوا باعمالهم فانه ليس عبد انصبه للحساب الا هلك» (1) . لانه مستحق للعذاب ، وفق العدالة فان ثواب عبادات العبد لا تعادل شكر واحدة من نعمائه .
فاذا علمت ان الصديقين ، على الرغم من انهم مطهرون من الذنب والمعصية ، جميعا هالكون في الحساب ، فماذا نقول انا وانتم ؟ ... هذا كله عندما تكون اعمالي واعمالكم خالصة من الرياء الدنيوي ومن الموبقات والمحرمات وقلما يحصل لنا خلوص عمل من الرياء والنفاق .
وعليه اذا استدعى العمل العجب والتدلل والتغنج ، فافعل . واذا استدعى الخجل والتذلل والاعتراف بالتقصير فيجب عليك بعد كل عبادة ان تتوب من تلك الاكاذيب التي قلتها في حضرة الله تعالى ، ومما نسبته الى نفسك دون دليل . الا ترى ان عليك ان تتوب من قولك وانت تقف امام الله قبل الدخول في الصلاة : «اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما انا من المشركين (2) ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين» (3) فهل وجوهكم متوجهة الى فاطر السماوات والارض ؟ هل انتم مسلمون وخالصون من الشرك ؟ هل صلاتكم وعبادتكم وحياتكم ومماتكم لله ؟ الا يبعث على الخجل بعد هذا ان تقولوا في الصلاة «الحمد لله رب العالمين» ؟ فهل حقا تقرون بان المحامد كلها لله ؟ ، في حين انكم تقرون بالحمد لعباده ، بل ولاعدائه ؟ ، اليس قولكم «رب العالمين» يكون كذبا لانكم تقرون في الوقت نفسه بالربوبية لغيره تعالى في هذا العالم ، افلا يحتاج ذلك الى التوبة والخجل ؟
مخ ۸۰