الحق تعالى ، ويرى بحسب عقله الصغير ان الحق تعالى ملزم بان يعطيه الاجر والثواب ، ويتوهم انه حتى لو عومل بالعدل ايضا لاستحق الثواب ، وسياتي فيما بعد ذكر هذا الامر ان شاء الله .
ومن مفاسد العجب الاخرى ، ان ينظر الانسان باحتقار الى عباد الله ، ويحسب اعمال الناس لا شيء وان كانت افضل من اعماله ، وهذه وسيلة لهلاك الانسان ايضا ، وشوكة في طريق خلاصه ونجاته .
ومن مفاسده الاخرى ، انه يدفع الانسان الى الرياء ، لان الانسان بصورة عامة اذا استصغر اعماله وجدها لا شيء ووجد اخلاقه فاسدة ، وايمانه لا يستحق الذكر ، عندما لا يكون معجبا بنفسه ولا بصفاته ولا باعماله ، بل يرى نفسه وجميع ما يصدر عنها سيئا وقبيحا ، فلا يعرضها ولا يتظاهر بها ، فان البضاعة الفاسدة سيئة لا تصلح للعرض . ولكنه اذا راى نفسه كاملا واعماله جيدة ، فانه يندفع الى التظاهر والرياء ، ويعرض نفسه على الناس .
يجب اعتبار مفاسد الرياء المذكورة في الحديث الثاني من مفاسد العجب ايضا .
وهناك مفسدة اخرى هي ان هذه الرذيلة تؤدي الى رذيلة الكبر المهلكة ، وتبعث على ابتلاء الانسان بمعصية التكبر وسياتي ان شاء الله ذكر الحديث عنها فيما بعد .
وتبرز من هذه الرذيلة مفاسد اخرى ايضا بصورة مباشرة وغير مباشرة لكن شرحها يوجب التفصيل . فليعلم المعجب ان هذه الرذيلة هي بذرة رذائل اخرى ، ومنشا لامور يشكل كل واحد منها سببا للهلاك الابدي والخلود في العذاب . فاذا عرف هذه المفاسد بصورة صحيحة ولاحظها بدقة ، ورجع الى الاخبار الآثار الواردة بشانها عن الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم واهل بيت ذلك القائد صلوات الله عليهم اجميعن ، فمن المحتم ان يعتبر الانسان نفسه ملزما بالنهوض لاصلاح النفس ، وتطهيرها من هذه الرذيلة واستئصال جذورها من باطن النفس ، لئلا ينتقل لا سمح الله الى العالم الآخر وهو بهذه الصفة ، وانه حينما يغمض عينيه المادية الملكوتية ، ويشرق عليه سلطان البرزخ والقيامة ، يرى ان حال اهل كبائر المعاصي افضل من حاله حيث غمرهم الله برحمته الواسعة بسبب ندمهم او بسبب ما كان لديهم من رجاء بفضل الله تعالى . واما هذا المسكين الذي راى نفسه مستقلا ، وحسبها في باطن ذاته غنية عن فضل الله ، فيرى بان الله تعالى حاسبه لذلك حسابا عسيرا ، واخضعه لميزان العدل كما اراد ، وافهمه بانه لم يقم باية عبادة لله تعالى ، وان جميع عباداته ابعدته عن الساحة المقدسة ، وان كل اعماله وايمانه باطل وتافه . بل وان تلك الاعمال والعبادات نفسها هي سبب الهلاك وبذرة العذاب الاليم وراس مال الخلود في الجحيم . الويل لم يعامله الباري تعالى بعدله ، فاذا ما عومل الاربعون حديثا :77
مخ ۷۶