عمله فرآه حسنا » (1) وكما يقول« ويحسب انه يحسن صنعا »يشير الى قول الله تعالى : «قل هل ننبئكم بالاخسرين اعمالا * الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا * اولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت اعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا » (2)تلك المجموعة من الناس الذين هم في الواقع جهلة ويحسبون انفسهم علماء . اولئك هم اكثر الناس مسكنة واسوا الخلائق حظا ، اولئك يعجز اطباء النفوس عن علاجهم ، ولا تؤثر فيهم الدعوة والنصيحة ، بل قد تعطي احيانا نتيجة عكسية . اولئك لا يعون الدليل ، ويسدون اسماعهم عن هداية الانبياء عليهم السلام وبرهان الحكماء ومواعظ العلماء .
وعليه فتجب الاستعاذة بالله من شر النفس ومكائدها التي تجر الانسان من المعصية الى الكفر الى العجب . ان النفس والشيطان ، بتهوينهما بعض المعاصي ، يلقيان بالانسان في المعصية ، وبعد تاصيلها في قلبه وتحقيرها في عينه ، يبتلى الانسان بمعصية اخرى اكبر قليلا من الاولى ، ومع التكرار تسقط المعصية الثانية من النظر ايضا وتبدو صغيرة وهينة في عين الانسان ، فيبتلى بما هو اعظم . وهكذا يسير الانسان نحو الهاوية خطوة فخطوة ، وشيئا فشيئا فتصغر كبائر المعاصي في عينه الى ان تسقط جميع المعاصي في نظره ، فيستهين بالشريعة والقانون الالهي ، ويؤول عمله الى الكفر والزندقة والاعجاب بهما . وقد ياتي الحديث عن ذلك فيما ياتي .
فصل:في بيان ان حيل الشيطان دقيقة
وعلى غرار ما يتدرج عمل اولي العجب بالمعاصي من مرتبة الى اخرى حتى يصل الى الكفر والزندقة ، كذلك يتطور العجب بالطاعات من العجب في الدرجة الناقصة الى الدرجة الكاملة ، فتصبح مكائد النفس والشيطان في القلب على اساس تخطيط ودراسة . ان الشيطان لا يمكن ابدا ان يعهد اليكم ، انتم المتقون الخائفون من الله ، مهمة قتل النفس او الزنا ، او ان يقترح على الشخص الذي يتمتع باشرف وطهارة النفس ، السرقة او قطع الطريق ، فلا يمكن ان يقول لك منذ البداية بان من على الله بهذه الاعمال او ضع نفسك في زمرة المحبوبين والمحبين والمقربين من الحضرة الالهية . وانما يبدا الامر من الدرجة السفلى ثم يشق طريقه في قلوبكم ، فيدفعكم نحو الحرص الشديد على التزام المستحبات والاذكار والاوراد . وفي غضون ذلك يزين امامكم بما يناسب حالكم ، عملا واحدا من اهل المعصية ، ويوحي لكم الاربعون حديثا :74
مخ ۷۳