الاربعون حديثا :72
المرتبة الرابعة :
هي ان يرى الانسان نفسه متميزا عن سائر الناس وافضل منهم بالايمان ، وعن المؤمنين . بكمال الايمان ، وبالاوصاف الحسنة عن غير المتصفين بها ، وبالعمل بالواجب وترك المحرم عما يقابل ذلك ، كما انه يرى في عمل المستحبات والتزام الجمعة والجماعات والمناسك الاخرى وترك المكروهات يرى نفسه اكمل من عامة الناس ، وان له امتيازا عليهم ، فيثق بنفسه وباعماله ، ويرى سائر الخلق زبدا ناقصين ، وينظر الى سائر الناس بعين الاحتقار ، ويطعن بقلبه او بلسانه في عباد الله ويعيبهم ، ويبعد كل شخص بصورة ما عن ساحة رحمة الله ، ويجعل الرحمة خالصة له ولامثاله .
ومثل هذا الانسان يصل الى درجة بحيث يناقش كل عمل صالح يراه من الناس ، ويخدشه بقلبه على نحو ما ، ويرى اعماله خالصة من ذلك الاعتراض والنقاش ولا يرى الاعمال الحسنة من الناس شيئا ولكن اذا صدرت هذه الاعمال نفسها عنه يراها عظيمة . انه يعرف جيدا عيوب الناس وهو غافل عن عيوبه .
هذه علامات العجب ، وان كان الانسان نفسه قد يكون غافلا عنها . وللعجب درجات اخرى ، لم اذكر بعضها ، واكون غافلا عن بعضها الآخر حتما .
فصل:ان اهل الفساد قد يعجبون بفسادهم
يصل اهل الكفر والنفاق والمشركون والملحدون وذوو الاخلاق القبيحة ، والملكات الخبيثة واهل المعصية والعصيان ، احيانا الى درجة الاعجاب بغرورهم وزندقتهم تلك ، او بسيئات اخلاقهم وموبقات اعمالهم ، ويسرون بها ، ويرون بها انفسهم من ذوي الارواح الحرة ، الخارجة عن التقليد وغير المعقدة بالاوهام والخرافات ، ويرون انفسهم اولي شهامة ورجولة ، ويتصورون ان الايمان بالله من الاوهام ، وان التعبد بالشرائع من ضعف العقل وصغره ، ويرون ان الاخلاق الحسنة والملكات الفاضلة ، هي من ضعف النفس والمسكنة ، ويحسبون ان الاعمال الحسنة والمناسك والعبادات هي من ضعف الادراك ونقصان الاحساس ، ويرون ان انفسهم تستحق المدح والثناء ، بسبب الروح الحرة التي لا تعتقد بالخرافات ولا تبالي بالشرائع . لقد تاصلت في قلوبهم الخصال القبيحة والسيئة واصبحوا يانسون بها ، وبها امتلات اعينهم وآذانهم فراوها حسنة ، وتصوروها كمالا مثلما وردت الاشارة الى ذلك في هذا الحديث الشريف حيث قال : «العجب درجات ، منها ان يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه ويحسب انه يحسن صنعا» وهذه اشارة الى قول الله تعالى : «افمن زين له سوء الاربعون حديثا :73
مخ ۷۲