ومنبره ، قد اضفى على دين الله بهاء جديدا ، او انه بحضوره جماعة المسلمين ، او باقامة مجالس التعزية لابي عبد الله عليه السلام قد اضفى على الدين جلالا ، لذلك يمن على الله وعلى سيد المظلومين وعلى الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم ، وان لم يظهر لاحد هذا المعنى ، الا انه يمن في قلبه . ومن هنا ومن هذا الباب بالذات تنشا المنة على عباد الله في الامور الدينية ، كان يمن على الضعفاء والفقراء باعطائهم الصدقات الواجبة والمستحبة ومساعدتهم ، واحيانا تكون هذه المنة خافية حتى على الانسان نفسه (وقد تقدم في الحديث الثاني شرح عدم امكان امتنان الانسان على الله ، وانما يمن الله على الناس جميعا).
المرتبة الثانية :
وهي التي يتدلل فيها الانسان ويتغنج بواسطة العجب على الله تعالى وهذه غير المنة ، ولو ان البعض لم يفرق بينهما .
ان صاحب هذا المقام يرى نفسه محبوبا لله تعالى ، ويرى نفسه في سلك المقربين والسابقين ، واذا جيء باسم ولي من اولياء الله او جرى حديث عن المحبوبين والمحبين او السالك المجذوب ، اعتقد في قلبه انه من اولئك . وقد يبدي التواضع رياء وهو خلاف ذلك ، او انه لكي يثبت ذلك المقام لنفسه ، ينفيه عن نفسه بصورة تستلزم الاثبات .
واذا ما ابتلاه الله تعالى ببلاء ، راح يعلن ان «البلاء للولاء» .
ان مدعي الارشاد من العرفاء والمتصوفة واهل السلوك والرياضة اقرب الى هذا الخطر من سائر الناس .
المرتبة الثالثة :
ان يرى العبد نفسه وبواسطة الايمان او الملكات او الاعمال ، دائنا لله وانه بذلك يكون مستحقا للثواب ، ويرى واجبا على الله ان يجعله عزيزا في هذا العالم ، ومن اصحاب المقامات في الآخرة ، ويرى نفسه مؤمنا تقيا وطاهرا ، وكلما جاء ذكر المؤمنين بالغيب ، قال في نفسه . «حتى لو عاملني الله بالعدل ، فاني استحق الثواب والاجر» بل يتعدى بعضهم حدود القبح والوقاحة ويصرح بهذا الكلام . واذا ما اصابه بلاء وصادفه ما لا يرغب ، فانه يعترض على الله في قلبه ، ويتعجب من افعال الله العادل ، حيث يبتلي المؤمن الطاهر ، ويرزق المنافق ، ويغضب في باطنه على الله تبارك وتعالى وتقديراته ، ولكنه يظهر الرضا في الظاهر ، ويصب غضبه على ولي نعمته ، ويظهر الرضا بالقضاء امام الخلق . وعندما يسمع ان الله يبتلي المؤمنين في هذه الدنيا ، يسلي نفسه بذلك في قلبه ، ولا يدري بان المنافقين المبتلين كثيرون ايضا وليس كل مبتل مؤمنا .
مخ ۷۱