منقول : ان اهل الجنة عندما يستقرون في الجنة ، تبلغهم رسالة من الحق تعالى خلاصتها : من الحي الابدي الذي لا يموت ، الى الحي الابدي الذي لا يموت اذا اردت شيئا قلت له كن فيكون ، جعلتك هذا اليوم في مستوى اذا اردت شيئا قلت له كن فيكون .
لا تكن محبا لنفسك ، سلم ارادتك للحق تعالى ، فان الذات المقدسة تتفضل عليك بجعلك مظهرا لارادتك ، وتجعلك متصرفا في شؤونك ، وتخضع لقدرتك مملكة الايجاد في الآخرة ، وهذا هو غير التفويض الباطل ، كما هو معلوم في محله .
فيا ايها العزيز . انت اعرف بنفسك فاختر اما هذا واما ذاك فالله غني عنا وعن كل المخلوقات انه غني عن اخلاصنا واخلاص كل الموجودات .
المقام الثالث (الرياء)
وفيه فصول
فصل:
اعلم ان الرياء في هذا المقام ، اكثر من المقامات الاخرى ، واوسع شيوعا اذ اننا نحن العامة من الناس ، لسنا على العموم اهلا لذينك المقامين . ولهذا لا يدخل الشيطان الينا من ذلك الطريق ، ولكن بما ان معظم الناس المتعبدين ، هم من اهل المناسك والعبادات الظاهرية ، فان الشيطان اكثر حرية في التلاعب بهم ، في هذا المقام ومن خلال العبادات .
كما ان مكائد النفس في هذه المرحلة اكثر . وبتعبير آخر : بما ان عامة الناس ، يفوزون بالجنة بالاعمال الجسمانية ، وبما انهم يحصلون على الدرجات الاخروية بممارسة الاعمال الحسنة وترك الاعمال السيئة ، فان الشيطان يدخل عليهم من هذا الطريق نفسه ، ويسقي جذور الرياء والتملق في اعمالهم ، فتفرع وتورق ، ويبدل حسناتهم سيئات ، ويدخلهم جهنم ودركاتها عن طريق المناسك والعبادات ، ويحول الامور التي يريدون ان يعمروا بها آخرتهم الى ادوات لتخريبها الآخرة فيجعل الملائكة ما هو الاعمال من العليين بامر من الله في سجين .
فعلى الذين يملكون هذا الجانب فقط ، ولا زاد لهم سوى زاد الاعمال ، عليهم ان يكونوا حذرين كل الحذر لئلا يفقدوا لا سمح الله الزاد والراحلة كليهما ، ويصبحوا من اهل جهنم ، ولا يبقى لهم طريق نحو السعادة ، وتغلق في وجوههم ابواب الجنة ، وتفتح لهم ابواب النار .
فصل:في دقة امر الرياء
كثيرا ما يتفق ان يكون الشخص المرائي نفسه غافلا ايضا عن كون الرياء قد تسرب الى اعماله ، وان اعماله صارت رياء وهباء اذ ان مكائد الشيطان والنفس من الدقة والخفاء ، وان الاربعون حديثا :57
مخ ۵۶