الاربعون حديثا :55
«قلب المؤمن بين اصبعي الرحمن يقلبه كيف يشاء» (1) .
وانت ايها المسكين العابد للنفس ، والذي تركت الشيطان والجهل يتصرفان في قلبك ، ومنعت يد الحق ان تتصرف في قلبك ، اي ايمان لديك حتى تكون محلا لتجلي الحق والسلطة المطلقة ؟
فاعلم اذا ، انك ما دمت على هذه الحال ، وما دامت رذيلة الغرور موجودة فيك ، فانت كافر بالله ، ومحسوب من زمرة المنافقين ، رغم زعمك بانك مسلم ومؤمن بالله .
الفصل الثاني
ايها العزيز ! استيقظ وانتبه وافتح اذنيك ، وحرم نوم الغفلة على عينيك ، واعلم ان الله خلقك لنفسه كما يقول في الحديث القدسي :
«يابن آدم خلقت الاشياء لاجلك وخلقتك لاجلي» (2) واتخذ من قلبك منزلا له ، فانت وقلبك من النواميس والحرمات الالهية ، والله تعالى غيور ، فلا تهتك حرمته وناموسه الى هذا الحد ، ولا تدع الايادي تمتد الى حرمه وناموسه . احذر غيرة الله ، والا فضحك في هذا العالم بصورة لا تستطيع اصلاحها مهما حاولت . اتهتك في ملكوتك وفي محضر الملائكة والانبياء العظام ستر الناموس الالهي ؟ وتقدم الاخلاق الفاضلة التي تتشبه بها الاولياء الى الحق ، الى غير الحق ؟ وتمنح قلبك لخصم الحق ؟ وتشرك في باطن ملكوتك ؟ كن على حذر من الحق تعالى فانه مضافا الى هتكه لناموس مملكتك في الآخرة وفضحه لك امام الانبياء العظام والملائكة المقربين ، سيفضحك في هذا العالم ويبتليك بفضيحة لا يمكن تلافيها ... وبتمزيق عصمة لا يمكن ترقيعها .
ان الحق تعالى «ستار» ولكنه غيور ايضا ... انه «ارحم الراحمين» ولكنه «اشد المعاقبين» ايضا ، يستر ما لم يتجاوز الحد . فقد تؤدي هذه الفضيحة الكبرى لا سمح الله الى تغليب الغيرة على الستر ، كما سمعت في الحديث الشريف .
فارجع الى نفسك قليلا ، وعد الى الله ، فالله رحيم ، وهو يبحث عن ذريعة لافاضة الرحمة عليك . واذا انبت اليه ، فانه يستر بغفرانه معاصيك وعيوبك الماضية ، ولن يطلع عليها احدا ويجعلك صاحب فضيلة ، ويظهر فيك الاخلاق الكريمة ، ويجعلك مرآة لصفاته تعالى ويجعل ارادتك فعالة في ذلك العالم كما ان ارادته نافذة في جميع العوالم . كما ورد في حديث الاربعون حديثا :56
مخ ۵۵