الاربعون حديثا :33
فصل: في بيان لجم الانبياء لطبيعة الانسان
اعلم ان الوهم والغضب والشهوة من الممكن ان تكون من الجنود الرحمانية ، وتؤدي الى سعادة الانسان وتوفيقه اذا سلمتها للعقل السليم وللانبياء العظام ، ومن الممكن ان تكون من الجنود الشيطانية اذا تركتها وشانها ، واطلقت العنان للوهم ليتحكم في القوتين الاخريين : الغضب والشهوة .
وايضا لم يعد خافيا ان ايا من الانبياء العظام (عليهم السلام) لم يكبتوا الشهوة والغضب والوهم بصورة مطلقة ، ولم يقل اي داع الى الله حتى الآن ، بان الشهوة يمكن ان تقتل بصورة عامة ، وان يخمد اوار الغضب بصورة كاملة ، وان يترك تدبير الوهم ، بل قالوا : [يجب السيطرة عليها حتى تؤدي واجبها في ظل ميزان العقل والدستور الالهي] لان هذه القوى كل واحدة منها تريد ان تنجز عملها وتنال غايتها ولو استلزم ذلك الفساد والفوضى . فمثلا النفس البهيمية المنغمسة في الشهوة الجامحة التي مزقت عنانها ، هذه النفس تريد ان تحقق هدفها ومقصودها ولو كان ذلك يتم بواسطة الزنا بالمحصنات وفي الكعبة (والعياذ بالله) . والنفس الغضوب ، تريد ان تنجز ما تريده حتى ولو استلزم ذلك قتل الانبياء والاولياء . والنفس ذات الوهم الشيطاني تريد ان تؤدي عملها حتى ولو استلزم ذلك الفساد في الارض ، وقلب العالم بعضه على بعض .
لقد جاء الانبياء (عليهم السلام) ، واتوا بقوانين ، وانزلت عليهم الكتب السماوية ، من اجل الحيلولة دون الاطلاق والافراط في الطبائع ، ومن اجل اخضاع النفس الانسانية لقانون العقل والشرع وترويضها وتاديبها حتى لا يخرج تعاملها عن حدود العقل والشرع .
اذا ؛ فكل نفس كيفت ملكاتها وفق القوانين الالهية والمعايير العقلية ، فهي سعيدة ومن اهل النجاة ، والا فليستعذ الانسان بالله من ذلك الشقاء وسوء التوفيق وتلك الظلمات والشدائد المقبلة ، ومنها تلك الصور المرعبة والمذهلة التي تصاحبه في البرزخ والقبر والقيامة وجهنم ، والتي نتجت عن الملكات والاخلاق الفاسدة التي لازمته .
فصل: في بيان السيطرة على الخيال
اعلم ان اول شرط للمجاهد في هذا المقام والمقامات الاخرى ، والذي يمكن ان يكون اساس الغلبة على الشيطان وجنوده ، هو حفظ طائر الخيال ، لان هذا الخيال طائر محلق يحط في كل آن على غصن ، يجلب الكثير من الشقاء . وانه من احدى وسائل الشيطان التي جعل الاربعون حديثا :34
مخ ۳۳