175

څلوېښت حدیثونه

الاربعون حديثا

ژانرونه

الاربعون حديثا :179

وقس على ذلك اصحاب الصناعات ورجال العلم ، وغيرهم ، وكل افراد الجنس البشري ، مهما تكن مهنتهم وحرفهم ، فهم كلما تقدموا فيها مرحلة متقدمة ، رغبوا في بلوغ مرحلة اكمل من سابقتها ، ولهذا يشتد شوقهم وتطلعهم .

اذا ، فنور الفطرة قد هدانا الى ان نعرف ان قلوب جميع ابناء البشر ، من اهالي اقصى المعمورة وسكان البوادي والغابات الى شعوب الدول المتحضرة في العالم ، وابتداء بالطبيعيين والماديين وانتهاء باهل الملل والنحل ، تتوجه قلوبهم بالفطرة الى الكمال الذي لا نقص فيه ، فيعشقون الكمال الذي لا عيب فيه ولا كمال بعده ، والعلم الذي لا جهل فيه ، والقدرة التي لا تعجز عن شيء ، والحياة التي لا موت فيها ، اي ان «الكمال المطلق» هو معشوق الجميع . جميع الكائنات والعائلة البشرية ، يقولون بلسان فصيح واحد وبقلب واحد : اننا نعشق الكمال المطلق ، اننا نحب الجمال والجلال المطلق ، اننا نطلب القدرة المطلقة ، والعلم المطلق . فهل هناك في جميع سلسلة الكائنات ، او في عالم التصور والخيال ، وفي كل التجويزات العقلية والاعتبارية ، كائن مطلق الكمال ومطلق الجمال ، سوى الله تقدست اسماؤه ، مبدا العالم جلت عظمته ؟ وهل الجميل على الاطلاق الذي لا نقص فيه الا ذلك المحبوب المطلق ؟

فيا ايها الهائمون في وادي الحسرات والضائعون في صحاري الضلالات . بل ايتها الفراشات الهائمة حول شمعة جمال الجميل المطلق ، ويا عشاق الحبيب الخالي من العيوب والدائم الازلي ، عودوا قليلا الى كتاب الفطرة وتصفحوا كتاب ذاتكم لتروا ان قلم قدرة الفطرة الالهية قد كتب فيه : «اني وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض» (1) فهل ان «فطر الله التي فطر الناس عليها» هي فطرة التوجه نحو المحبوب المطلق ؟ وهل ان الفطرة التي لا تتبدل «لا تبديل لخلق الله» هي فطرة المعرفة ؟ فإلى متى توجه هذه الفطرة التي وهبك الله اياها نحو الخيالات الباطلة ، نحو هذا وذاك من المخلوقات لله ؟ اذا كان محبوبك هو هذا الجمال الناقص والكمالات المحدودة ، فلماذا عندما تصل اليها يبقى اشتياقك ملتهبا لا يخمد ، بل يزداد ويشتد ؟ .

تيقظ من نوم الغفلة واستبشر فرحا بان لك محبوبا لا يزول ، ومعشوقا لا نقص فيه ، ومطلوبا من دون عيب ، وان لك مقصودا يكون نور طلعته هو النور «الله نور السموات والارض» ، وان محبوبك ذو احاطة واسعة «لو دليتم بحبل الى الارضين السفلى لهبطتم على الله» (2) . اذن يستوجب عشقك الحقيقي معشوقا حقيقيا ، ولا يمكن ان يكون شيئا متوهما متخيلا ، اذ ان كل موهوم ناقص ، والفطرة انما تتوجه الى الكمال . فالعاشق الحقيقي والعشق الاربعون حديثا :180

مخ ۱۷۹