174

څلوېښت حدیثونه

الاربعون حديثا

ژانرونه

الاربعون حديثا :178

فكل يجد معشوقه في شيء ، ظانا ان ذلك هو الكمال وكعبة الآمال ، فيتخيله في امر معين ، فيتوجه اليه ، ويتفانى في سبيله تفاني العاشق . ان اهل الدنيا وزخارفها يحسبون الكمال في الثروة ، ويجدون معشوقهم فيها ، فيبذلون من كل وجودهم الجهد والخدمة الخالصة في سبيل تحصيلها فكل شخص ، مهما يكن نوع عمله ، ومهما يكن موضع حبه وتعشقه ، فانه لاعتقاده بان ذلك هو الكمال يتوجه نحوه . وهكذا حال اهل العلوم والصنايع ، كل يرى الكمال في شيء ويعتقد انه معشوقه ، بينما يرى اهل الآخرة والذكر والفكر غير ذلك ...

وعليه ، فجميعهم يسعون نحو الكمال . فاذا ما تصوروه في شيء موجود او موهوم تعلقوا به وعشقوه . ولكن لا بد ان نعرف انه على الرغم من هذا الذي قيل ، فان حب هؤلاء وعشقهم ليس في الحقيقة لهذا الذي ظنوه بانه معشوقهم ، وان ما توهموه وتخيلوه ويبحثون عنه ليس هو كعبة آمالهم . اذ لو ان كل واحد منهم رجع الى فطرته لوجد ان قلبه في الوقت الذي يظهر العشق لشيء ما فانه يتحول عن هذا المعشوق الى غيره اذا وجد الثاني اكمل من الاول ، ثم اذا عثر على اكمل من الثاني ، ترك الثاني وانتقل بحبه الى الاكمل منه ، بل ان نيران عشقه لتزداد اشتعالا حتى لا يعود قلبه يلقي برحاله في اية درجة من الدرجات ولا يرضى باي حد من الحدود .

مثلا ، اذا كنت تحب جمال القدود ونضارة الوجوه ، وعثرت على ذلك عند من تراها كذلك ، توجه قلبك نحوها . فاذا لاح لك جمال اجمل ، لا شك في انك سوف تتوجه الى الجميل الاجمل ، او انك على الاقل تطلب الاثنين معا ، ومع ذلك لا تخمد نار الاشتياق عندك ، ولسان حال فطرتك يقول : كيف السبيل اليهما معا ؟ ولكن الواقع هو انك تطلب كل جميل تراه اجمل ، بل قد تزداد اشتياقا بالتخيل ، فقد تتخيل ان هناك جميلا اجمل من كل ما تراه بعينك ، في مكان ما ، فيحلق قلبك طائرا الى بلد الحبيب ، ولسان حالك يقول : انا بين الجمع وقلبي في مكان آخر . وقد تعشق ما تتمنى . فانت ان سمعت باوصاف الجنة وما فيها من الوجوه الساحرة حتى وان لم تكن تؤمن بالجنة لا سمح الله قالت فطرتك : ليت هذه الجنة موجودة وليتهن كن من نصيبي ! .

وهكذا الذين يرون الكمال في السلطان والنفوذ واتساع الملك ، يتجه حبهم واشتياقهم الى ذلك . فهم اذا بسطوا سلطانهم على دولة واحدة ، توجهت انظارهم الى دولة اخرى ، فاذا دخلت تلك الدولة ايضا تحت سيطرتهم ، تطلعت اعينهم الى اكثر من ذلك . فهم كلما استولوا على قطر ، اتجه حبهم الى الاستيلاء على اقطار اخرى ، بل تزداد نار تطلعاتهم لهيبا ، واذا بسطوا سلطانهم على الارض كلها ، وتخيلوا امكان بسط سلطتهم على الكواكب الاخرى ، تمنت قلوبهم لو كان بالامكان ان يطيروا الى تلك العوالم كي يخضعوها لسيطرتهم .

مخ ۱۷۸