90

أتراهم يظنون أن نضرة الزهرة أجمل من نضرة الطفل الصغير؟ ...

لا نخالهم يظنون ذلك، ولكنها «الأنانية» تدخل هنا في الحساب، فتضلهم عن حسن التقدير ...

لأنهم تعودوا كلما ذكروا الأطفال أن يتصوروهم أبناء لآباء وأمهات ... فإذا سمعوا أن الأب يحب وليده، وأن الأم تحب صغيرها فلا عجب ولا حاجة إلى خبر ...

ولكن ما بال من ليس بأب يحب أبناء آبائهم وهم عنه غرباء؟! ...

هذا هو وسواس الأنانية الذي يدخل في الحساب، فيضل الخيال عن التقدير الصحيح ...

أما الواقع - بمعزل عن هذه الأنانية - فهو أن الأطفال محبوبون؛ لأنهم أزاهير الإنسانية وترجمان ربيعها، محبوبون لأنهم بشائر الشباب والحياة ...

بل هم محبوبون، وينبغي أن يحبوا؛ لأننا نتعلم منهم، ولأننا نستمتع في صحبتهم برياضة من رياضات النفس تجدد لنا كل شيء، ولأنهم عزاء - وأي عزاء - حتى حين يبكون بكاء الطفولة الساذج المضحك المأمون ...

إنهم معلمون من الطراز الأول؛ لأن أخلاق الإنسانية مكتوبة في نفوسهم بالخط البارز الذي تقرؤه لأول نظرة، وهي في نفوس الكبار ضامرة أو مصحفة أو ملتبسة بوشي الرياء وزركشة العرف، وزخارف التكلف والتمويه ...

إن معلمينا الصغار لا يكتمون شيئا، وكل ما كتموه أبرزوه، وضاعفوا إبرازه، فمن لم يتعلم حقائق الضمير الإنساني من الطفل فما هو بمستفيد شيئا من علوم الكبار، ولو كانوا من كبار العلماء ...

وصحبة الطفل الصغير رياضة، وما أجملها من رياضة ...

ناپیژندل شوی مخ