مقربة الشتاء ولا تراها ... أمام الحيّ يتبعها المهار
ويروي أمام الخيل، يريد أنها فرس حرب لا يطلب نسلها.
لها بالصيف آصرة وجل ... وستّ من كرائمها غزار «١»
كرائم من الإبل تشرب هذه الفرس ألبانها.
ألا أبلغ بني العشراء عني ... علانية وما يغني السّرار
قتلت سراتكم وحسلت منكم ... حسيلا مثل ما حسل الوبار «٢»
الحسيل: الرديء، يقول: أنفيت شراركم، وقتلت خياركم وأبقيت رذالكم.
ولم أقتلكم سرّا ولكن ... علانية وقد سطع الغبار «٣»
وكان ذلك اليوم يوم ذي حسي «٤» - وحسى واد فيه ماء.
ويزعم بعض بني فزارة أن حذيفة كان أصاب فيما أصاب من بني عبس تماضر بنت الشريد السلمية أم قيس بن زهير فقتلها، وكانت في المال. ثم إن بني عيس ظعنوا فحلوا إلى كلب بعراعر، وقد اجتمع عليهم بنو ذبيان فخافوا، فقاتلتهم كلب فهزمهم بنو عبس وقتلوا مسعود بن مصاد الكلبي ثم أحد بني عليم بن جناب، فقال في ذلك عنترة «٥»:
ألا هل أتاها أنّ يوم عراعر ... شفى سقما لو كانت النفس تشتفي «٦»
أتونا على عمياء ما جمعوا لنا ... بأرعن لا خلّ ولا متكشّف «٧»
تماروا بنا إذ يمدرون حياضهم ... على ظهر مقضيّ من الأمر محصف «٨»
علالتنا في كلّ يوم كريهة ... بأسيافنا والقرح لم يتقرف «٩»
وما نذروا حتى غشينا بيوتهم ... بغيبة موت مسبل الودق مذعف «١٠»
أي تشككوا في رجوليتنا حتى استعملوا الحياض، علالتنا: أي بقيتنا.
فأجلتهم الحرب فلحقوا بهجر فامتاروا منها، ثم حلوا على بني سعد بالفروق وقد آمنهم بنو سعد ثلاث ليال فأقاموها، ثم شخصوا عنهم، فاتبعهم ناس من بني سعد فقاتلهم العبسيون فامتنعوا حتى رجع بنو سعد وقد خابوا منهم ولم يظفروا بشيء، فقال في ذلك عنترة بن شداد بن معاوية «١١»:
1 / 63