الأسلع ثم جاء قرواش حتى تتاموا خمسة، فحمل جنيدب على خيلهم فاطّردها وحمل عمرو بن الأسلع وشداد عليهم في الجفر فقال حذيفة: يا بني عبس فأين العقل «١» وأين الأحلام؟ فضرب حمل بين كتفيه وقال: اتق مأثور القول بعد اليوم «٢» فأرسلها مثلا، وقتل قرواش بن هنيّ حذيفة بن بدر وقتل الحارث بن زهير حملا وأخذ منه ذا النون سيف مالك بن زهير، وكان حمل بن بدر أخذه من مالك بن زهير يوم قتله، فقال الحارث بن زهير:
تركت على الهباءة غير فخر ... حذيفة حوله قصد العوالي «٣»
سيخبر قومه حنش بن عمرو ... إذا لا قاهم وابنا بلال
ويخبرهم مكان النون مني ... وما أعطيته عرق الخلال
من المخالّة، أي ما أعطيته عن صداقة وصفاء ودّ.
فأجابه حنش بن عمرو أخو بني ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض:
سيخبرك الحديث بكم خبير ... يجاهدك العداوة غير آل «٤»
بداءتها لقرواش وعمرو ... وأنت تجول جوبك في الشمال
أي فعل قرواش هذا الفعل. العرق:
العطية، والخلال: المخالة، يقول: لم تعطوني السيف عن مودة ولكني قتلته وأخذته، وقوله وأنت تجول جوبك في الشمال، الجوب: الترس، يريد أن قرواشا وعمرو بن الأسلع اقتحما الجفر وقتلا من قتلا وأنت ترسك في يدك لم تغن شيئا، ويقال: لك البداءة ولفلان العوادة.
وقال قيس بن زهير في ذلك «٥»:
تعلّم أن خير الناس ميت ... على جفر الهباءة لا يريم
ولولا ظلمه ما زلت أبكي ... عليه الدهر ما طلع النجوم
ولكن الفتى حمل بن بدر ... بغى والبغي مرتعه وخيم
أظنّ الحلم دلّ عليّ قومي ... وقد يستجهل الرجل الحليم
ومارست الرجال ومارسوني ... فمعوجّ عليّ ومستقيم
وقال في ذلك شداد بن معاوية العبسي:
من يك سائلا عني فإني ... وجورة لا تباع «٦» ولا تعار
1 / 62