ألا قاتل الله الطلول البواليا ... وقاتل ذكراك السنين الخواليا
القصيدة كلها «١» .
ثم سئل قيس بن زهير: كم كنتم يوم الفروق؟ قال: مائة فارس كالذهب لم نكثر فنفشل ولم نقلّ فنضعف.
ثم سار بنو عبس حتى وقعوا باليمامة، فقال قيس بن زهير: إنّ بني حنيفة قوم لهم عزّ وحصون فحالفوهم، فخرج قيس حتى أتى قتادة بن مسلمة الحنفي «٢» وهو يومئذ سيدهم، فعرض عليهم قيس نفسه وقومه، فقال: ما يردّ مثلكم، ولكنّ لي في قومي أمراء لا بدّ من مشاورتهم، وما ننكر حسبك ولا نكايتك؛ فلما خرج قيس من عنده قيل له: ما تصنع، أتعمد إلى أفتك العرب وأحزمهم «٣» فتدخله أرضك ليعلم وجوه أرضك وعورة قومك ومن أين يؤتون؟! فقال: كيف أصنع وقد وعدت له على نفسي «٤»، وأنا أستحيي من رجوعي؟
فقال له السمين الحنفي: أنا أكفيك قيسا، وهو رجل حازم متوثّق لا يقبل إلا الوثيقة، فلما أصبح قيس غدا عليه، ولقيه السمين فقال: إنك على خير وليست عليك عجلة، فلما رأى ذلك قيس ومرّ على جمجمة بالية فضربها برجله ثم قال: رب خسف قد أقرّت به هذه الجمجمة مخافة مثل هذا اليوم، وما أراها وألت منه «٥» وإن مثلي لا يرضى إلا القويّ من الأمر، فلما لم ير ما يحبّ احتمل فلحق ببني عامر بن صعصعة، فنزل هو وقومه على بني شكل، وهم بنو اختهم، وبنو شكل هم من بني الحريش ابن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكانت أمهم عبسية، فجاوروهم، فكانوا يرون عليهم «٦» أثرة وسوء جوار وأشياء تريبهم، ويستخفّون بهم، فقال نابغة بني ذبيان «٧»:
لحا الله عبسا عبس آل بغيض «٨» ... كلحى الكلاب العاويات وقد فعل
فأصبحتم والله يفعل ذاكم ... يعزّكم مولى مواليكم شكل
إذا شاء منهم ناشيء دربخت له ... لطيفة طيّ البطن رابية الكفل
دربخت المرأة: أي جبّت له وخضعت وقامت على أربع حتى يأتيها.
فمكثوا مع بني عامر، يتجنّون عليهم ويرون منهم ما يكرهون، حتى غزتهم بنو
1 / 64