ذو العقال مع ابنتي حوط ابن أبي جابر تجنبانه، فمرت به جلوى فرس قرواش، فلما رآها الفرس ودي- أي انعظ- فضحك شباب من الحيّ رأوه، فاستحيت الفتاتان فأرسلتاه، فنزا على جلوى، فوافق قبولها فأقصّت «١» . ثم أخذه لهما بعض الحيّ فلحق بهم حوط، وكان [رجلا] شريرا سيء الخلق، فلما نظر إلى عين فرسه قال: والله لقد نزا فرسي فأخبراني ما شأنه، فأخبرتاه فقال: والله لا أرضى أبدا حتى آخذ «٢» ماء فرسي، قال له بنو ثعلبة:
والله ما استكرهنا فرسك إنما كان منفلتا، فلم يزل الشرّ بينهم حتى عظم، فلما رأى ذلك بنو ثعلبة قالوا: دونكم ماء فرسكم، فسطا عليها حوط فجعل يده في تراب وماء ثم أدخلها في رحمها حتى ظنّ أنه أخرج الماء؛ واشتملت الرحم على ما فيها فنتجها قرواش مهرا فسمي داحسا بذلك، وخرج كأنه ذو العقال أبوه، وهو الذي قال ابن الخطفي فيه «٣»:
إنّ الجياد يبتن حول فنائنا ... من آل أعوج أو لذي العقّال
فلما تحرك المهر شيئا مرّ «٤» مع أمه وهو فلو يتبعها، وبنو ثعلبة منتجعون «٥» فرآه حوط فأخذه، فقالت بنو ثعلبة: يا بني رياح ألم تفعلوا فيه ما فعلتم أول مرة ثم هذا الآن، فقالوا: هو فرسنا ولن نترككم أو تدفعوه إلينا «٦» فلما رأى ذلك بنو ثعلبة قالوا: إذا لا نقاتلكم [عليه]، أنتم أعزّ علينا منه، هو فداؤكم، فدفعوه إليهم.
فلما رأى ذلك بنو رياح قالوا: والله لقد ظلمنا إخوتنا مرتين وحلموا عنا وكرموا فأرسلوا به إليهم معه لقوحان، فمكث عند قرواش ما شاء الله، وخرج من أجود خيول العرب.
ثم إن قيس بن زهير بن جذيمة بن رواحة العبسيّ أغار على بني يربوع، فلم يصب غير ابنتي قرواش بن عوف ومائة من الإبل لقرواش وأصاب الحيّ وهم خلوف لم يشهد من رجالهم غير غلامين من بني أزنم «٧» بن عبيد بن ثعلبة بن يربوع، فجالا في متن الفرس مرتدفيه وهو مقيد، فأعجلهما القوم عن حلّ قيده، واتبعهما القوم، فضبر بالغلامين «٨» [ضبرا] حتى نجوا به، ونادتهما إحدى الجاريتين أن مفتاح القيد مدفون في مذود الفرس بمكان
1 / 52