كذا وكذا، فسبقا إليه حتى أطلقاه حيث يرودونه «١» . فلما رأى ذلك قيس بن زهير رغب في الفرس فقال: لكما حكمكما وادفعا إليّ الفرس، قالا: أو فاعل أنت هذا؟ قال: نعم، واستوثقا منه أن يردّ ما أصاب من قليل أو كثير ثم يرجع عوده على بدئه ويطلق الفتاتين ويخلي عن الإبل وينصرف عنهم راجعا، ففعل ذلك قيس، ودفعا إليه الفرس. فلما رأى ذلك أصحاب قيس قالوا: لا والله لا نصالحك أبدا، أصبنا مائة من الإبل وامرأتين فعمدت إلى غنيمتنا فجعلتها في فرس لك تذهب به دوننا، فعظم في ذلك الشر حتى اشترى منهم غنيمتهم بمائة من الإبل.
فلمّا جاء قرواش قال للغلامين: أين فرسي؟ فأخبراه الخبر فأبى أن يرضى إلا أن يدفع إليه فرسه، فعظم في ذلك الشر حتى تنافروا فيه، فقضي بينهم أن تردّ الفتاتان والإبل إلى قيس بن زهير ويردّ عليه الفرس، فلما رأى ذلك قرواش رضي بعد شرّ، وانصرف قيس معه داحس، فمكث ما شاء الله.
فزعم بعضهم أن الرهان إنما هاجه بين قيس وبين حذيفة بن بدر أن قيسا دخل على بعض الملوك وعنده قينة لحذيفة بن بدر تغنيه بشعر امرىء القيس «٢»:
دار لهرّ والرباب وفرتنا ... ولميس قبل حوادث الأيام
وهنّ فيما يذكر نسوة من بني عبس، فغضب قيس بن زهير فشتمها وشق رداءها، فغضب حذيفة، فبلغ ذلك قيسا فأتاه ليسترضيه، فوقف عليه فجعل يكلمه وهو لا يعرفه من الغضب، وعنده أفراس له، فعابه قيس وقال «٣»: ما يرتبط مثلك مثل هذه يا أبا مسهر، فقال حذيفة:
أتعيبها؟ قال: نعم، فتجاريا حتى تراهنا.
ويزعم بعضهم أنّ ما هاج الرهان أن رجلا من بني بن غطفان ثم أحد بني جوشن- وهم أهل بيت شوم- أتى حذيفة زائرا فعرض عليه حذيفة خيله فقال: ما أرى فيها جوادا مبرا «٤»، قال حذيفة:
ويلك فعند من الجواد المبرّ؟ قال: عند قيس بن زهير قال: هل لك أن تراهنني عنه؟ قال: نعم قد فعلت، فراهنه على ذكر من خيله وأنثى، ثم إن العبديّ أتى قيسا فقال: إني قد راهنت على فرسين من خيلك ذكر وأنثى وأوجبت الرهان، فقال قيس: ما أبالي من راهنت غير حذيفة، قال: فإني راهنت حذيفة «٥» قال له قيس:
إنك ما علمت لأنكد، قال: فأتى قيس حذيفة قال: ما غدا بك؟ قال: غدوت لأواضعك الرهان، قال: بل غدوت لتغلقه، قال: ما أردت ذاك، فأبى حذيفة
1 / 53