امالي ابي طالب ع
أمالي أبي طالب ع
ژانرونه
وإن أحب خلق الله إلى الله عبد أعانه الله على نفسه فاستشعر الحزن، وتجلبب الخوف، وأضمر اليقين، وزهرت مصابيح الهدى في قلبه، فسهل على نفسه الشديد، وقرب عليها البعيد، فلم يدع مبهمة إلا كشف غطائها، ولا مظلمة إلا قصد جلائها، ولا معظلة إلا بلغ مداها، معاين طريقته، مشاهد من كل امرء حقيقته، شرب نهلا، وسلك طريقا سهلا، يحط حيث القرآن حط رحله، وأين نزل كان منزله، فهو من خاص أولياء الله.
وإن أبغض خلق الله إلى الله عبد وكله الله إلى نفسه، جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة، فهو فتنة لمن افتتن بعبادته، ضال عن هدى من كان قبله، مضل لمن اقتدى به، حمال خطايا غيره، رهين بخطيئته، قمش جهلا من الجهال، فأوطأ الناس عشوة، غارا بأوباش الفتنة، قد لهج بالصلاة والصوم، فسماه أشباه الناس عالما، ولم يغن في العلم يوما سالما، بكر فاستكثر، وما قل منه خير مما كثر، حتى إذا ارتوى من آجن، وأكثر من غير طائل، قعد حاكما بين الناس ضامنا لتخليص ما اشتبه عليهم، إن نزلت به إحدى المبهمات هياء لها حشوا من رأيه، فهو من قطع الشبهات في مثل غزل العنكبوت، إن أصاب وإن أخطأ لم يعلم؛ لأنه لا يعلم أصاب أم أخطأ، لا يحسب أن العلم في شيء مما ينكر، ولا أن من وراء ما بلغه غاية، إن قاس شيئا بشيء لم يكذب بصره، وإن أظلم عليه أمر كتم ما يعلم من نفسه، لكيلا يقال: لا يعلم، ركاب عشوات، وخائض غمرات، ومفتاح ظلمات، ومعتقد شبهات، لا يعتذر مما لا يعلم، ولا يعض على العلم بضرس قاطع فيسلم، يذرو الرواية ذرو الريح الهشيم، تصرخ منه الدماء، وتبكي منه المواريث، ويستحل بقضائه الفرج الحرام، ويحرم بقضآئه الفرج الحلال، لا ملي بإصدار ما ورد عليه، ولا أهل لإصلاح ما فرط منه.
مخ ۲۱۰