209

ثم خرج من السوق والناس في رنة من البكاء، إذ مر بواعظ يعظ الناس، فلما بصر بأمير المؤمنين عليه السلام سكت ولم يتكلم بشيء، فقال عليه السلام: فكم وإلي كم توعظون فلا تتعظون، قد وعظكم الواعظون، وزرجركم الزاجرون، وحذركم المحذرون، وبلغكم المبلغون، ودلت الرسل على سبيل النجاة، وقامت الحجة، وضهرت المحجة، وقرب الأمر ولأمد، والجزاء غدا، وسيعلم الذي ظلموا أي منقلب ينقلبون يا أيها الناس إنه لم يكن لله تبارك وتعالى في أرضه حجة، ولا حكمة أبلغ من كتابه، ولا مدح الله منكم أحدا إلا من اعتصم بحبله، وإنما هلك من هلك عندما عصاه وخالفه، واتبع هواه، واعلموا أن جهاد النفس هو الجهاد الأكبر، والله ما هو شيء قلته من تلقاء نفسي، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (( ما من عبد جاهد نفسه فردها عن معصية الله إلا باهى الله به كرام الملائكة، ومن باهى الله به كرام الملائكة فلن تمسه النار، ثم قال: فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم ))(1).

حدثنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الحسني رحمه الله تعالى، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن الحسن بن عبيد، قال: حدثنا علي بن العباس بن الوليد الحميري، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق الراشدي، قال: حدثنا إسماعيل بن يحيى بن عبدالله،

عن فطر بن خليفة، أن الحسن بن علي عليه السلام: لما أصيب علي عليه السلام، قام في الناس خطيبا، فقال:

الحمد لله وهو للحمد أهل، الذي من علينا بالإسلام، وجعل فينا النبوة والكتاب، واصطفانا على خلقه، فجعلنا شهداء على الناس.

مخ ۲۰۸